وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ ﴾
اسم ما لم يسم فاعله مضمر، وهو المصدر.
ويجوز أن يكون المخفوض في موضع رفع.
ومعنى "أُحِيط بثمره" أي أهْلِك مالهُ كله.
وهذا أوّل ما حقق الله تعالى به إنذار أخيه.
﴿ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ ﴾ أي فأصبح الكافر يضرب إحدى يديه على الأخرى ندماً ؛ لأن هذا يصدر من النادم.
وقيل : يقلِّب ملكه فلا يرى فيه عوض ما أنفق ؛ وهذا لأن المِلك قد يعبَّر عنه باليد، من قولهم : في يده مال، أي في مِلكه مال.
ودلّ قوله "فأصبح" على أن هذا الإهلاك جرى بالليل ؛ كقوله ﴿ فَطَافَ عَلَيْهَا طَآئِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَآئِمُونَ ﴾ ﴿ فَأَصْبَحَتْ كالصريم ﴾ ويقال : أنفقتُ في هذه الدار كذا وأنفقت عليها.
﴿ وَهِيَ خَاوِيَةٌ على عُرُوشِهَا ﴾ أي خالية قد سقط بعضها على بعض ؛ مأخوذ من خَوَتِ النجوم تخوى خَيَّا أمْحَلَتْ، وذلك إذا سقطت ولم تُمْطر في نَوْئها.
وأخْوَت مثله.
وخَوّت الدار خَواء أقْوَت، وكذلك إذا سقطت ؛ ومنه قوله تعالى :﴿ فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظلموا ﴾ ويقال ساقطة ؛ كما يقال فهي خاوية على عروشها أي ساقطة على سقوفها ؛ فجمع عليه بين هلاك الثمر والأصل، وهذا من أعظم الجوائح، مقابلةً على بَغْيه.
﴿ وَيَقُولُ ياليتني لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً ﴾ أي يا ليتني عرفت نعم الله عليّ، وعرفت أنها كانت بقدرة الله ولم أكفر به.
وهذا ندم منه حين لا ينفعه الندم.
قوله تعالى :﴿ وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ الله ﴾
"فِئةٌ" اسم "تكن" و "له" الخبر.
"يَنْصُرونه" في موضع الصفة، أي فئة ناصرة.
ويجوز أن يكون.
"ينصرونه" الخبر.
والوجه الأوّل عند سيبويه أوْلى لأنه قد تقدّم "له".
وأبو العباس يخالفه، ويحتج بقول الله عز وجل :﴿ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ ﴾ [ الإخلاص : ٤ ].
وقد أجاز سيبويه الآخرَ.


الصفحة التالية
Icon