و "ينصرونه" على معنى فئة ؛ لأن معناها أقوام، ولو كان على اللفظ لقال ولم تكن له فئة تنصره ؛ أي فرقة وجماعة يلتجىء إليهم.
﴿ وَمَا كَانَ مُنْتَصِراً ﴾ [ القلم : ١٩-٢٠ ] أي ممتنعاً ؛ قاله قتادة.
وقيل : مسترِدًّا بدل ما ذهب منه.
وقد تقدم اشتقاق الفئة في "آل عمران".
والهاء عوض من الياء التي نقصت من وسطه، أصله فِيءٌ مثلُ فِيع ؛ لأنه من فاء، ويجمع على فِئون وفِئات، مثل شِيَات ولِدَات ومئات.
أي لم تكن له عشيرة يمنعونه من عذاب الله، وضلّ عنه مَن افتخر بهم من الخدم والولد.
قوله تعالى :﴿ هُنَالِكَ الولاية لِلَّهِ الحق ﴾
اختلف في العامل في قوله "هنالك" وهو ظرف ؛ فقيل : العامل فيه "ولم تكن له فئة" ولا كان هنالك ؛ أي ما نُصر ولا انتصر هنالك، أي لما أصابه من العذاب.
وقيل : تم الكلام عند قوله "منتصِراً".
والعامل في قوله "هنالك" :"الولاية" وتقديره على التقديم والتأخير : الولاية لله الحقِّ هنالك، أي في القيامة.
وقرأ أبو عمرو والكسائي "الحقُّ" بالرفع نعتاً للولاية.
وقرأ أهل المدينة وحمزة "الحقِّ" بالخفض نعتاً لله عز وجل، والتقدير : لله ذي الحق.
قال الزجاج : ويجوز "الحقَّ" بالنصب على المصدر والتوكيد ؛ كما تقول : هذا لك حقاً.
وقرأ الأعمش وحمزة والكسائي "الوِلاية" بكسر الواو، الباقون بفتحها، وهما بمعنًى واحد كالرِّضاعة والرَّضاعة.
وقيل : الوَلاية بالفتح من الموالاة ؛ كقوله ﴿ الله وَلِيُّ الذين آمَنُواْ ﴾ [ البقرة : ٢٥٧ ].
﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ الله مَوْلَى الذين آمَنُواْ ﴾ [ محمد : ١١ ].
وبالكسر يعني السلطان والقدرة والإمارة ؛ كقوله ﴿ والأمر يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ ﴾ [ الانفطار : ١٩ ] أي له الملك والحكم يومئذ، أي لا يُردَّ أمره إلى أحد ؛ والملك في كل وقت لله ولكن تزول الدعاوى والتّوَهّمات يوم القيامة.
وقال أبو عبيد : إنها بفتح الواو للخالق، وبكسرها للمخلوق.