وقال أبو حيان :
وبلغ الله المؤمن ما ترجاه من هلاك ما بيد صاحبه الكافر وإبادته على خلاف ما ظنّ في قوله ما أظن أن تبيد هذه أبداً فأخبر تعالى أنه ﴿ أحيط بثمره ﴾ وهو عبارة عن الإهلاك وأصله من أحاط به العدّو وهو استدارته به من جوانبه، ومتى أحاط به ملكه واستولى عليه ثم استعملت في كل إهلاك ومنه
﴿ إلاّ أن يحاط بكم ﴾ وقال ابن عطية : الإحاطة كناية عن عموم العذاب والفساد انتهى.
والظاهر أن الإحاطة كانت ليلاً لقوله ﴿ فأصبح ﴾ على أن أنه يحتمل أن يكون معنى ﴿ فأصبح ﴾ فصار فلا يدل على تقييد الخبر بالصباح، وتقليب كفيه ظاهره أنه ﴿ يقلب كفيه ﴾ ظهراً لبطن وهو أنه يبدي باطن كفه ثم يعوج كفه حتى يبدو ظهرها، وهي فعلة النادم المتحسر على شيء قد فاته، المتأسف على فقدانه، كما يكنى بقبض الكف والسقوط في اليد.
وقيل : يصفق بيده على الأخرى و﴿ يقلب كفيه ﴾ ظهر البطن.
وقيل : يضع باطن إحداهما على ظهر الأخرى، ولما كان هذا الفعل كناية عن الندم عداه تعدية فعل الندم فقال ﴿ على ما أنفق فيها ﴾ كأنه قال : فأصبح نادماً على ذهاب ما أنفق في عمارة تلك الجنة ﴿ وهي خاوية على عروشها ﴾ تقدم الكلام على هذه الجملة في أواخر البقرة.
وتمنيه انتفاء الشرك الظاهر أنه صدر منه ذلك في حالة الدنيا على جهة التوبة بعد حلول المصيبة، وفي ذلك زجر للكفرة من قريش وغيرهم لئلا يجيء لهم حال يؤمنون فيها بعد نقم تحل بهم، قيل : أرسل الله عليها ناراً فأكلتها فتذكر موعظة أخيه، وعلم أنه أتى من جهة شركه وطغيانه فتمنى لو لم يكن مشركاً.


الصفحة التالية
Icon