وقال أبو حيان :
﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ﴾
العضد العضو من الإنسان وغيره معروف وفيه لغتان، فتح العين وضم الضاد وإسكانها وفتحها وضم العين والضاد وإسكان الضاد، ويستعمل في العون والنصير.
قال الزجاج : والإعضاد التقوّي وطلب المعونة يقال : اعتضدت بفلان استعنت به.
الموبق المهلك يقال : وبق يوبق وبقاً ووبق يبق وبوقاً إذا هلك فهو وابق، وأوبقته ذنوبه أهلكته.
﴿ وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلاّ إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه ﴾.
ذكروا في ارتباط هذه الآية بما قبلها أنه تعالى لما أمر نبيه عليه الصلاة والسلام بمجالسة الفقراء وكان أولئك المتكبرون قد تأنفوا عن مجالستهم، وذكروا للرسول ( ﷺ ) طردهم عنه وذلك لما جبلوا عليه من التكبر والتكثر بالأموال والأولاد وشرف الأصل والنسب، وكان أولئك الفقراء بخلافهم في ذلك ناسب ذكر قصة إبليس بجامع ما اشتركا فيه من التكبر والافتخار بالأصل الذي خلق منه وهذا الذي ذكروه في الإرتباط هو ظاهر بالنسبة للآيات السابقة قبل ضرب المثلين، وإما أنه واضح بالنسبة لما بعد المثلين فلا والذي يظهر في ارتباط هذه الآية بالآية التي قبلها هو أنه لما ذكر يوم القيامة والحشر وذكر خوف المشركين مما سطر في ذلك الكتاب، وكان إبليس هو الذي حمل المجرمين على معاصيهم واتخاذ شركاء مع الله ناسب ذكر إبليس والنهي عن اتخاذ ذريته أولياء من دون الله تبعيداً عن المعاصي، وعن امتثال ما يوسوس به.
وتقدم الكلام في استثناء إبليس أهو استثناء متصل أم منقطع، وهل هو من الملائكة أم ليس منهم في أوائل سورة البقرة فأغني عن إعادته، والظاهر من هذه الآية أنه ليس من الملائكة وإنما هو من الجن.
قال قتادة : الجن حي من الملائكة خلقوا من نار السموم.


الصفحة التالية
Icon