وقال شهر بن حوشب : هو من الجن الذين ظفرت بهم الملائكة فأسره بعض الملائكة فذهب به إلى السماء.
وقال الحسن وغيره : هو أول الجن وبداءتهم كآدم في الإنس.
وقالت فرقة : كان إبليس وقبيله جناً لكن الشياطين اليوم من ذريته فهو كنوح في الإنس.
وقال الزمخشري : كان من الجن كلام مستأنف جارٍ مجري التعليل بعد استثناء إبليس من الساجدين كأن قائلاً قال : ما له لم يسجد فقيل ﴿ كان من الجن ففسق عن أمر ربه ﴾ والفاء للتسبيب أيضاً جعل كونه من الجن سبباً في فسقه، يعني إنه لو كان ملكاً كسائر من سجد لآدم لم يفسق عن أمر الله لأن الملائكة معصومون ألبتة لا يجوز عليهم ما يجوز على الجن والإنس كما قال :
﴿ لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ﴾ وهذا الكلام المعترض تعمد من الله عز وعلا لصيانة الملائكة عن وقوع شبهة في عصمتهم، فما أبعد البون بين ما تعمده الله وبين قول من ضادّه فزعم أنه كان ملكاً ورئيساً على الملائكة فعصى فلُعن ومُسخ شيطاناً، ثم وركه على ابن عباس انتهى.
والظاهر أن معنى ﴿ ففسق عن أمر ربه ﴾ فخرج عما أمره ربه به من السجود.
قال رؤبة :
يهوين في نجد وغوراً غائراً...
فواسقاً عن قصدها حوائرا
وقيل :﴿ ففسق ﴾ صار فاسقاً كافراً بسبب أمر ربه الذي هو قوله ﴿ اسجدوا لآدم ﴾ حيث لم يمتثله.
قيل : ويحتمل أن يكون المعنى ﴿ ففسق ﴾ بأمر ربه أي بمشيئته وقضائه لأن المشيئة يطلق عليها أمر كما تقول : فعلت ذلك عن أمرك أي بحسب مرادك، والهمزة في ﴿ أفتتخذونه ﴾ للتوبيخ والإنكار والتعجب أي أبعد ما ظهر منه من الفسق والعصيان تتخذونه وذريته أولياء من دوني مع ثبوت عداوته لكم تتخذونه ولياً.
وقرأ عبيد الله بن زياد على المنبر وهو يخطب ﴿ أفتتخذونه وذريته ﴾ بفتح الذال، والظاهر أن لإبليس ذرية وقال بذلك قوم منهم قتادة والشعبي وابن زيد والضحاك والأعمش.
قال قتادة : ينكح وينسل كما ينسل بنو آدم.
وقال الشعبي : لا يكون ذرية إلاّ من زوجة.


الصفحة التالية
Icon