والنوع الثالث : من أحوال القيامة قوله :﴿وحشرناهم فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً﴾ والمعنى جمعناهم للحساب فلم نغادر منهم أحداً، أي لم نترك من الأولين والآخرين أحداً إلا وجمعناهم لذلك اليوم، ونظيره قوله تعالى :﴿قُلْ إِنَّ الأولين والأخرين * لَمَجْمُوعُونَ إلى ميقات يَوْمٍ مَّعْلُومٍ﴾ [ الواقعة : ٤٩، ٥٠ ] ومعنى لم نغادر لم نترك، يقال : غادره وأغدره إذا تركه ومنه الغدر ترك الوفاء، ومنه الغدير لأنه ما تركته السيول، ومنه سميت ضفيرة المرأة بالغديرة لأنها تجعلها خلفها.
ولما ذكر الله تعالى حشر الخلق ذكر كيفية عرضهم، فقال :﴿وَعُرِضُواْ على رَبّكَ صَفَّا﴾ وفيه مسألتان :
المسألة الأولى :
في تفسير الصف وجوه.
أحدها : أنه تعرض الخلق كلهم على الله صفاً واحداً ظاهرين بحيث لا يحجب بعضهم بعضاً، قال القفال : ويشبه أن يكون الصف راجعاً إلى الظهور والبروز، ومنه اشتق الصفصف للصحراء.
وثانيها : لا يبعد أن يكون الخلق صفوفاً يقف بعضهم وراء بعض مثل الصفوف المحيطة بالكعبة التي يكون بعضها خلف بعض، وعلى هذا التقدير فالمراد من قوله صفاً صفوفاً كقوله :﴿يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً﴾ [ غافر : ٦٧ ] أي أطفالاً.
وثالثها : صفاً أي قياماً، كما قال تعالى :﴿فاذكروا اسم الله عَلَيْهَا صَوَافَّ﴾ [ الحج : ٣٦ ] قالوا قياماً.
المسألة الثانية :