[ الحجر : ٣٠-٣١ ] قالوا : فأخرجه بالاستثناء من لفظ الملائكة دليل على أنهمنهم. وقال بعضهم : والظظواهر إذا كثرت صارت بمنزلة النص. ومن المعلوم أن الأصل في الاستثناء الاتصال لا الانقطاع. قالوا : ولا حجة لمن خالفنا في قوله تعالى ﴿ كان من الجن ﴾ لأن الجن قبيلة من الملائكة، خلقوا من بين الملائكة من نار السموم كما روي عن ابن عباس. والعرب تعرف في لغتها إطلاق الجن على الملائكة. ومنه قول الأعشى في سليمان بن داود :
وسخر من جن الملائك تسعة... قياماً لديه يعملون بلا أجر
قالوا : ومن إطلاق الجن على الملائكة قوله تعالى :﴿ وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجنة نَسَباً ﴾ [ الصافات : ١٥٨ ] عند من يقول : بأن المراد بذلك قولهم : الملائكة بنات الله. سبحانه وتعالى عن كل ما لا يليق بكماله وجلاله علواً كبيراً! وومن جزم بأنه ليس من الملائكة في الأصل لظاهر هذه الآية الكريمة : الحسن البصرس، وقصره الزمخشري في تفسيره. وقال القرطبي في تفسير سورة " البقرة " : إن كونه من الملائكة هو قول الجمهور : ان عباس، وابن مسعود، وابن جريج، وابن المسيب، وقتادة وغيرهم. وهو اختيار الشيخ أبي احسن، ورجحه الطبري، وهو ظاهر قوله " إلا إبليس " اه وما يذكره المفسرون عن جماعة من السلف كابن عباس وغيره : من أن كان من أشراف الملائكة، ومن خزان الجنة، وأنه كان يدبر أمر السماء الدنيا، وأنه كان اسمه عزازيل - كله من الإسرائيليات التي لا معول عليها.
وأظهر الحجج في المسألة - حجة من قال : إنه غير ملك. لأن قوله تعالى :﴿ إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الجن فَفَسَقَ ﴾ [ الكهف : ٥٠ ] الآية، وهو أظهر شيء في الموضوع من نصوص الوحي. والعلم عند الله تعالى.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة :﴿ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ﴾ أي خرج عن طاعة أمر ربه. والفسق في اللغة : الخروج. ومنه قول رؤبة بن العجاج :