قلت : الذي ثبت في هذا الباب من الصحيح ما ذكره الحميدي في الجمع بين الصحيحين عن الإمام أبي بكر البَرْقانِي أنه خرج في كتابه مسنداً عن أبي محمد عبد الغني بن سعيد الحافظ من رواية عاصم عن أبي عثمان " عن سلمان قال قال رسول الله ﷺ : لا تكن أوّلَ من يدخل السوق ولا آخر من يخرج منها فبها باض الشيطان وفرّخ " وهذا يدل على أن للشيطان ذرية من صلبه، والله أعلم.
قال ابن عطية : وقوله "وذريَّتَه" ظاهر اللفظ يقتضي الموسوسين من الشياطين، الذين يأتون بالمنكر ويحملون على الباطل.
وذكر الطبري وغيره أن مجاهداً قال : ذرية إبليس الشياطين، وكان يعدّهم : زَلَنْبُور صاحبُ الأسواق، يضع رايته في كل سوق بين السماء والأرض، يجعل تلك الراية على حانوت أوّل من يفتح وآخر من يغلق.
وثبر صاحب المصائب، يأمر بضرب الوجوه وشق الجيوب، والدعاءِ بالويل والحرب.
والأعور صاحب أبواب الزنى.
ومسوط صاحب الأخبار، يأتي بها فيلقيها في أفواه الناس فلا يجدون لها أصلاً.
وداسم الذي إذا دخل الرجل بيته فلم يسلّم ولم يذكر اسم الله بصّرَه من المتاع ما لم يُرفع وما لم يُحسَن موضعه، وإذا أكل ولم يذكر اسم الله أكل معه.
قال الأعمش : وإني ربما دخلت البيت فلم أذكر الله ولم أسلّم، فرأيت مطهرة فقلت : ارفعوا هذه! وخاصمتهم، ثم أذكر فأقول : داسم داسم! أعوذ بالله منه! زاد الثعلبي وغيره عن مجاهد : والأبيض، وهو الذي يوسوس للأنبياء.
وصخر وهو الذي اختلس خاتم سليمان عليه السلام.
والولهان وهو صاحب الطهارة يوسوس فيها.
والأقيس وهو صاحب الصلاة يوسوس فيها.
ومُرّة وهو صاحب المزامير وبه يُكْنَى.
والهفاف يكون بالصحارى يُضلّ الناس ويتيههم.
ومنهم الغيلان.
وحكى أبو مطيع مكحول بن الفضل النسفي في كتاب اللؤلؤيات عن مجاهد أن الهفاف هو صاحب الشراب، ولقوس صاحب التحريش، والأعور صاحب أبواب السلطان.