وقال القاسمى :
﴿ وَرَأى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ ﴾
أي : جهنم [ في المطبوع : جهنهم ] المحيطة بأنواع الهلاك ووضع المظهر مقام المضمر تصريحاً بإجرامهم، وذماً لهم بذلك :﴿ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا ﴾ أي : أيقنوا بأنهم واقعون فيها :﴿ وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفاً ﴾ أي : معدلاً ينصرفون إليه. إشارة إلى ما يعاجلهم من الهم والحزن، فإن توقع العذاب والخوف منه قبل وقوعه، عذاب ناجز.
﴿ وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ ﴾ أي : نوّعنا في هذا القرآن الجامع للمهمات وأنواع السَّعادات، لمصلحة الناس ومنفعتهم، من كل مثل، ينبه على مراقي السعادات ومهاوي الضلالات لينذروا به :﴿ وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً ﴾ أي : مجادلة ومخاصمة ومعارضة للحق بالباطل.
﴿ وَمَا مَنَعَ النَّاسَ ﴾ أي : أهل مكة الذين حكيت أباطيلهم وكل من شاكلهم :﴿ أَنْ يُؤْمِنُوا ﴾ أي : من أن يؤمنوا بالله تعالى ويتركوا الشرك :﴿ إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى ﴾ أي : القرآن والحق الواضح النيّر :﴿ وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ ﴾ أي : عن المعاصي السالفة :﴿ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ ﴾ أي : طلب إتيانها، أو انتظار إتيانها، وهي عذاب الاستئصال :﴿ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلاً ﴾ أي : يرونه عياناً ومواجهةً، وهو عذاب الآخرة. أو أعم. والقبل بضمتين بمعنى العيان كما في قراءة قِبلا بكسر القاف وفتح الباء. أو قُبُلاً بمعنى : أنواعاً متنوعة جمع قبيل وقرئ بفتحتين أي : مستقبلاً. أ هـ ﴿محاسن التأويل حـ ١١ صـ ٤٦ ـ ٤٧﴾