البحث الأول : قالت المعتزلة : الآية دالة على أنه لم يوجد ما يمنع من الإقدام على الإيمان وذلك يدل على فساد قول من يقول إنه حصل المانع.
قال أصحابنا : العلم بأنه لا يؤمن مضاد لوجود الإيمان.
فإذا كان ذلك العلم قائماً كان المانع قائماً.
وأيضاً حصول الداعي إلى الكفر قائم وإلا لما وجب لأن الفعل الاختياري بدون الداعي محال، ووجود الداعي إلى الكفر مانع من حصول الإيمان.
وإذا ثبت هذا ظهر أن المراد مقدار الموانع المحسوسة.
البحث الثاني : المعنى أنه لما جاءهم الهدى وهو الدليل الدال على صحة الإسلام، وثبت أنه لا مانع لهم من الإيمان ولا من الاستغفار والتوبة والتخلية حاصلة.
والأعذار زائلة فلم لم يقدموا على الإيمان ثم قال تعالى :﴿إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الأولين﴾ وهو عذاب الاستئصال ﴿أَوْ يَأْتِيَهُمُ العذاب قُبُلاً﴾ قرأ حمزة وعاصم والكسائي قبلاً بضم القاف والباء جميعاً وهو جمع قبيل بمعنى ضروب من العذاب تتواصل مع كونهم أحياء وقيل مقابلة وعياناً والباقون قبلاً بكسر القاف وفتح الباء أي عياناً أيضاً، وروى صاحب الكشاف قبلاً بفتحتين أي مستقبلاً.
والمعنى أنهم لا يقدمون على الإيمان إلا عند نزول عذاب الاستئصال فيهلكوا، أو أن يتواصل أنواع العذاب والبلاء حال بقائهم في الحياة الدنيا، واعلم أنهم لا يقدمون على الإيمان إلا على هذين الشرطين، لأن العاقل لا يرضى بحصول هذين الأمرين إلا أن حالهم شبيه بحال من وقف العمل على هذين الشرطين. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢١ صـ ١١٩ ـ ١٢٠﴾