وقال الماوردى :
قوله عز وجل :﴿ ورأى المجرمون النّار ﴾
يحتمل وجهين :
أحدهما : أنهم عاينوا في المحشر.
الثاني : أنهم علموا بها عند العرض.
﴿ فظنُّوا أنهم مُواقعوها ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أنهم أمّلوا العفو قبل دخولها فلذلك ظنوا أنهم مواقعوها
الثاني : علموا أنهم مواقعوها لأنهم قد حصلوا في دار اليقين وقد يعبر عن العلم بالظن لأن الظن مقدمة العلم.
﴿ ولم يجدوا عنها مصرفاً ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : ملجأ، قاله الكلبي.
الثاني : معدلاً ينصرفون إليه، قاله ابن قتيبة، ومنه قول أبي كبير الهذلي :
أزهير هل عن شيبةٍ من مصرِف... أم لا خلود لباذل متكلفِ
وفي المراد وجهان :
أحدهما : ولم يجد المشركون عن النار مصرفاً.
الثاني : ولم تجد الأصنام مصرفاً للنار عن المشركين.
قوله تعالى :﴿ ولقد صرَّفنا في هذا القرآن للناس من كلِّ مثَل ﴾
يحتمل وجهين :
أحدهما : ما ذكره لهم من العبر في القرون الخالية.
الثاني : ما أوضحه لهم من دلائل الربوبية، فيكون على الوجه الأول جزاء، وعلى الثاني بياناً.
﴿ وكان الإنسان أكثر شيءٍ جَدلاً ﴾ يحتمل وجهين :
أحدهما : عناداً، وهو مقتضى الوجه الأول.
الثاني : حجاجاً وهو مقتضى القول الثاني. روي أن النبي ﷺ دخل على عليّ وفاطمة رضي الله عنهما وهما نائمان فقال :" الصلاة، ألا تصليان " فقال علي رضي الله عنه : إنما أنفسنا بيد الله فإذا شاء أن يبعثها بعثها، فانصرف النبي ﷺ وهو يقول ﴿ وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً ﴾ [ الكهف : ٥٤ ].
قوله عز وجل :﴿ وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءَهم الهُدى ﴾
فيه وجهان :
أحدهما : وما منع الناس أنفسهم أن يؤمنوا.
الثاني : ما منع الشيطان الناس أن يؤمنوا.
وفي هذا الهدي وجهان :
أحدهما : حجج الله الدالة على وحدانيته ووجوب طاعته.
الثاني : رسول الله ﷺ المبعوث لهداية الخلق.


الصفحة التالية
Icon