وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ ورأى المجرمون النار ﴾
أي : عاينوها وهي تتغيَّظ حنقاً عليهم.
والمراد بالمجرمين : الكفار.
﴿ فَظَنُّوا ﴾ أي : أيقنوا ﴿ أنهم مُواقِعُوها ﴾ أي : داخلوها.
ومعنى المواقعة : ملابسة الشيء بشدَّة ﴿ ولم يجدوا عنها مَصْرِفا ﴾ أي : مَعْدِلاً ؛ والمَصْرِف : الموضع الذي يُصْرَف إِليه، وذلك أنها أحاطت بهم من كل جانب، فلم يقدروا على الهَرَب.
قوله تعالى :﴿ ولقد صَرَّفْنا في هذا القرآن ﴾
قد فسرناه في [ بني إِسرائيل : ٤١ ].
قوله تعالى :﴿ وكان الإِنسان أكثر شيء جدلاً ﴾ فيمن نزلت قولان.
أحدهما : أنه النَّضْر بن الحارث، وكان جِداله في القرآن، قاله ابن عباس.
والثاني : أُبيّ بن خلف، وكان جِداله في البعث حين أتى بعظم قد رَمَّ، فقال : أيقدر الله على إِعادة هذا؟! قاله ابن السائب.
قال الزجاج : كل ما يعقل من الملائكة والجن يجادل، والإِنسان أكثر هذه الأشياء جدلاً.
قوله تعالى :﴿ وما منع الناسَ أن يؤمنوا ﴾ قال المفسرون : يعني : أهل مكة ﴿ إِذ جاءهم الهدى ﴾ وهو : محمد ﷺ، والقرآن، والإِسلام ﴿ إِلا أن تأتيَهم سُنَّةُ الأوَّلِين ﴾ وهو : أنهم إِذا لم يؤمنوا عذِّبوا.
وفي معنى الكلام ثلاثة أقوال.
أحدها : ما منعهم من الإيمان إِلا طلب أن تأتيهم سُنَّة الأولين، قاله الزجاج.
والثاني : وما منع الشيطانُ الناس أن يؤمنوا إِلا لأَن تأتيهم سُنَّة الأولين، أي : منعهم رُشْدَهُم لكي يقع العذاب بهم، ذكره ابن الأنباري.
والثالث : ما منعهم إِلا أنِّي قد قدَّرت عليهم العذاب.
وهذه الآية فيمن قُتل ببدر وأُحُد من المشركين، قاله الواحدي.
قوله تعالى :﴿ أو يأتيَهم العذاب ﴾ ذكر ابن الأنباري في "أو" [ هاهنا ] ثلاثة أقوال.
أحدها : أنها بمعنى الواو.
والثاني : أنها لوقوع أحد الشيئين، إِذ لا فائدة في بيانه.