وقال الشوكانى فى الآيات السابقة :
﴿ وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا (٤٧) ﴾
وقوله :﴿ وَيَوْمَ نُسَيّرُ الجبال ﴾ قرأ الحسن وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر :" تسير " بمثناة فوقية مضمومة وفتح الياء التحتية على البناء للمفعول، ورفع الجبال على النيابة عن الفاعل.
وقرأ ابن محيصن ومجاهد ( تسير ) بفتح التاء الفوقية والتخفيف على أن الجبال فاعل.
وقرأ الباقون ( نسير ) بالنون على أن الفاعل هو الله سبحانه والجبال منصوبة على المفعولية، ويناسب القراءة الأولى قوله تعالى :﴿ وَإِذَا الجبال سُيّرَتْ ﴾ [ التكوير : ٣ ]، ويناسب القراءة الثانية قوله تعالى :﴿ وَتَسِيرُ الجبال سَيْراً ﴾ [ الطور : ١٠ ]، واختار القراءة الثالثة أبو عبيدة لأنها المناسبة لقوله :﴿ وحشرناهم ﴾ قال بعض النحويين : التقدير : والباقيات الصالحات خير عند ربك يوم نسيّر الجبال، وقيل : العامل في الظرف فعل محذوف، والتقدير : واذكر يوم نسيّر الجبال، ومعنى تسيير الجبال : إزالتها من أماكنها وتسييرها كما تسير السحاب، ومنه قوله تعالى :﴿ وَهِىَ تَمُرُّ مَرَّ السحاب ﴾ [ النمل : ٨٨ ]، ثم تعود إلى الأرض بعد أن جعلها الله كما قال :﴿ وَبُسَّتِ الجبال بَسّاً * فَكَانَتْ هَبَاء مُّنبَثّاً ﴾ [ الواقعة : ٥ ٦ ].
والخطاب في قوله :﴿ وَتَرَى الأرض بَارِزَةً ﴾ [ الكهف : ٤٧ ] لرسول الله ﷺ، أو لكل من يصلح للرؤية، ومعنى بروزها ظهورها وزوال ما يسترها من الجبال والشجر والبنيان.
وقيل : المعنى ببروزها : بروز ما فيها من الكنوز والأموات كما قال سبحانه :﴿ وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ ﴾ [ الإنشقاق : ٤ ]، وقال :﴿ وَأَخْرَجَتِ الأرض أَثْقَالَهَا ﴾ [ الزلزلة : ٢ ].