ثم إنه سبحانه عجب من حال من أطاع إبليس في الكفر والمعاصي وخالف أمر الله فقال :﴿ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرّيَّتَهُ أَوْلِيَاء ﴾ كأنه قال : أعقيب ما وجد منه من الإباء والفسق تتخذونه وتتخذون ذريته، أي : أولاده ؛ وقيل : أتباعه مجازاً ﴿ أولياء مِن دُونِى ﴾ فتطيعونهم بدل طاعتي وتستبدلونهم بي، والحال أنهم أي : إبليس وذريته ﴿ لَكُمْ عَدُوٌّ ﴾ أي : أعداء.
وأفرده لكونه اسم جنس، أو لتشبيهه بالمصادر كما في قوله :﴿ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِى ﴾ [ الشعراء : ٧٧ ].
وقوله :﴿ هُمُ العدو ﴾ [ المنافقون : ٤ ] أي : كيف تصنعون هذا الصنع وتستبدلون بمن خلقكم وأنعم عليكم بجميع ما أنتم فيه من النعم؟ بمن لم يكن لكم منه منفعة قط، بل هو عدوّ لكم يترقب حصول ما يضركم في كل وقت ﴿ بِئْسَ للظالمين بَدَلاً ﴾ أي : الواضعين للشيء في غير موضعه المستبدلين بطاعة ربهم طاعة الشيطان، فبئس ذلك البدل الذي استبدلوه بدلاً عن الله سبحانه.
﴿ مَّا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السموات والأرض ﴾ قال أكثر المفسرون : إن الضمير للشركاء، والمعنى : أنهم لو كانوا شركاء لي في خلق السموات والأرض وفي خلق أنفسهم لكانوا مشاهدين خلق ذلك مشاركين لي فيه، ولم يشاهدوا ذلك ولا أشهدتهم إياه أنا فليسوا لي بشركاء.


الصفحة التالية
Icon