وهذا استدلال بانتفاء الملزوم المساوي على انتفاء اللازم، وقيل : الضمير للمشركين الذين التمسوا طرد فقراء المؤمنين، والمراد : أنهم ما كانوا شركاء لي في تدبير العالم بدليل أني ما أشهدتهم خلق السموات والأرض وَلاَ خَلْقَ أَنفُسِهِمْ : ما اعتضدت بهم بل هم كسائر الخلق، وقيل : المعنى أن هؤلاء الظالمين جاهلون بما جرى به القلم في الأزل، لأنهم لم يكونوا مشاهدين خلق العالم، فكيف يمكنهم أن يحكموا بحسن حالهم عند الله، والأوّل من هذه الوجوه أولى لما يلزم في الوجهين الآخرين من تفكيك الضميرين، وهذه الجملة مستأنفة لبيان عدم استحقاقهم للاتخاذ المذكور، وقرأ أبو جعفر ( ما أشهدناهم ) وقرأ الباقون ( ما أشهدتهم ) ويؤيده ﴿ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ المضلين عَضُداً ﴾ والعضد يستعمل كثيراً في معنى العون، وذلك أن العضد قوام اليد، ومنه قوله :﴿ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ ﴾ [ القصص : ٣٥ ] أي : سنعينك ونقوّيك به، ويقال : أعضدت بفلان : إذا استعنت به، وذكر العضد على جهة المثل، وخصّ المضلين بالذكر لزيادة الذمّ والتوبيخ.
والمعنى : ما استعنت على خلق السموات والأرض بهم ولا شاورتهم وما كنت متخذ الشياطين أو الكافرين أعواناً، ووحد العضد لموافقة الفواصل، وقرأ أبو جعفر الجحدري ( وما كنت ) بفتح التاء على أن الخطاب للنبيّ ﷺ أي : وما كنت يا محمد متخذاً لهم عضداً ولا صح لك ذلك، وقرأ الباقون بضم التاء.
وفي عضد لغات ثمانِ أفصحها فتح العين وضمّ الضاد، وبها قرأ الجمهور.
وقرأ الحسن :"عضد" بضم العين والضاد.
وقرأ عكرمة بضم العين وإسكان الضاد، وقرأ الضحاك بكسر العين وفتح الضاد، وقرأ عيسى بن عمر بفتحهما، ولغة تميم فتح العين وسكون الضاد.