وقال ابن عطية :
﴿ أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ ﴾
قرأ الجمهور " لمساكين " بتخفيف السين، جمع مسكين، واختلف في صفتهم، فقالت فرقة كانت لقوم تجار، ولكنهم من حيث هم مسافرون على قلة، وفي لجة بحر، وبحال ضعف عن مدافعة غصب جائر، عبر عنهم ب " مساكين "، إذ هم في حالة يشفق عليهم بسببها.
قال القاضي أبو محمد : وهذا كما تقول لرجل غني إذا وقع في وهدة وخطب مسكين وقالت فرقة : كانوا عشرة إخوة : أهل عاهات خمسة منهم : عاملون بالسفينة لا قدرة بهم على العمل، وقرأت فرقة " لمسّاكين " بتشديد السين. واختلف في تأويل ذلك فقالت فرقة أراد ب " المساكين " ملاحي السفينة وذلك أن المساك هو الذي يمسك رجل المركب وكل الخدمة يصلح لإمساكه، فسمي الجميع " مساكين "، وقالت فرقة : أراد " المسّاكين " دبغة المسوك، وهي الجلود واحدها مسك.
قال القاضي أبو محمد : والأظهر في ذلك القراءة الأولى وأن معناها أن السفينة لقوم ضعفاء ينبغي أن يشفق لهم، واحتج الناس بهذه الآية في أن المسكين الذي له البلغة من العيش كالسفينة لهؤلاء، وأنه أصلح حالاً من الفقير، واحتج من يرى خلاف هذا بقول الشاعر :[ البسيط ]
أما الفقير الذي كانت حلوبته... وفق العيال فلم يترك له سبد


الصفحة التالية
Icon