وأما الثاني : فهو الإسكندر المقدوني اليوناني، وكان وزيره الفيلسوف المشهور أرسطاطاليس، وكان قبل المسيح بنحو من ثلثمائة سنة.
فأما الأوّل المذكور في القرآن فكان في زمن الخليل، هذا معنى ما ذكره ابن كثير في تفسيره راوياً له عن الأزرقي وغيره ؛ ثم قال : وقد ذكرنا طرفاً صالحاً في أخباره في كتاب البداية والنهاية بما فيه كفاية.
وحكى أبو السعود في تفسيره عن ابن كثير أنه قال : وإنما بينا هذا يعني : أنهما اثنان، لأن كثيراً من الناس يعتقد أنهما واحد، وأن المذكور في القرآن العظيم هو هذا المتأخر، فيقع بذلك خطأ كبير وفساد كثير، كيف لا، والأوّل : كان عبداً صالحاً مؤمناً، وملكاً عادلاً، ووزيره الخضر، وقد قيل : إنه كان نبياً، وأما الثاني : فقد كان كافراً، ووزيره إرسطاطاليس الفيلسوف، وكان ما بينهما من الزمان أكثر من ألفي سنة، فأين هذا من ذاك؟ انتهى.
قلت : لعله ذكر هذا في الكتاب الذي ذكره سابقاً، وسماه بالبداية والنهاية ولم يقف عليه، والذي يستفاد من كتب التاريخ هو أنهما اثنان، كما ذكره السهيلي والأزرقي وابن كثير وغيرهم لا كما ذكره الرازي وادّعى أنه الذي تشهد به كتب التواريخ، وقد وقع الخلاف هل هو نبيّ أم لا؟ وسيأتي ما يستفاد منه المطلوب آخر هذا البحث إن شاء الله.
وأما السبب الذي لأجله سمي ذا القرنين، فقال الزجاج والأزهري : إنما سمي ذا القرنين، لأنه بلغ قرن الشمس من مطلعها، وقرن الشمس من مغربها ؛ وقيل : إنه كان له ضفيرتان من شعر، والضفائر تسمى قروناً، ومنه قول الشاعر :
فلثمت فاها آخذاً بقرونها... شرب النزيف ببرد ماء الحشرج


الصفحة التالية
Icon