قال ثعلب : إن في قوله :﴿ إِمَّا أَن تُعَذّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ ﴾ في موضع نصب، ولو رفعت لكان صواباً بمعنى فأما هو كقول الشاعر :
فسيروا فإما حاجة تقضيانها... وإما مقيل صالح وصديق
﴿ وَأَمَّا مَنْ امَنَ ﴾ بالله وصدّق دعوتي ﴿ وَعَمِلَ ﴾ عملاً ﴿ صالحا ﴾ مما يقتضيه الإيمان ﴿ فَلَهُ جَزَاء الحسنى ﴾ قرأ أهل المدينة وأبو عمرو وعاصم وابن كثير وابن عامر :( فله جزاء ) بالرفع على الابتداء أي : جزاء الخصلة الحسنى عند الله، أو الفعلة الحسنى وهي الجنة قاله الفراء.
وإضافة الجزاء إلى الحسنى التي هي الجنة كإضافة حق اليقين ودار الآخرة، ويجوز أن يكون هذا الجزاء من ذي القرنين أي : أعطيه وأتفضل عليه، وقرأ سائر الكوفيين " فله جزاء الحسنى " بنصب ﴿ جزاء ﴾ وتنوينه.
قال الفراء : انتصابه على التمييز.
وقال الزجاج : هو مصدر في موضع الحال أي مجزياً بها جزاءً.
وقرأ ابن عباس ومسروق بنصب ( جزاء ) من غير تنوين.
قال أبو حاتم : هي على حذف التنوين لالتقاء الساكنين.
قال النحاس : وهذا عند غيره خطأ لأنه ليس موضع حذف تنوين لالتقاء الساكنين.
وقرىء برفع :( جزاء ) منوّناً على أنه مبتدأ، و ﴿ الحسنى ﴾ بدل منه والخبر الجارّ والمجرور ﴿ وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً ﴾ أي : مما نأمر به قولاً ذا يسر ليس بالصعب الشاق، أو أطلق عليه المصدر مبالغة.
﴿ ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً ﴾ أي : طريقاً آخر غير الطريق الأولى وهي التي رجع بها من المغرب وسار فيها إلى المشرق ﴿ حتى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشمس ﴾ أي : الموضع الذي تطلع عليه الشمس أوّلاً من معمور الأرض، أو مكان طلوعها لعدم المانع شرعاً ولا عقلاً من وصوله إليه كما أوضحناه فيما سبق ﴿ وَجَدَهَا تَطْلُعُ على قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُمْ مّن دُونِهَا سِتْراً ﴾ يسترهم، لا من البيوت ولا من اللباس، بل هم حفاة عراة لا يأوون إلى شيء من العمارة.