قال القاضي أبو محمد : ويلزم أهل هذه المقالة أن يقرأ " بين السُّدين " بالضم وبعد ذلك " سَداً " بالفتح، وهي قراءة حمزة والكسائي، وحكى أبو حاتم عن ابن عباس وعكرمة عكس ما قال أبو عبيدة، وقال ابن أبي إسحاق : وما رأته عيناك فهو " سُد " بالضم، وما لا يرى فهو " سَد " بالفتح، والضمير في ﴿ دونهما ﴾ عائد على الجبلين، أي : وجدهم في الناحية التي تلي عمارة الناس إلى المغرب، واختلف في القوم، فقيل : هم بشر، وقيل جن، والأول أصح من وجوه، وقوله ﴿ لا يكادون يفقهون قولاً ﴾ عبارة عن بعد السانهم عن ألسنة الناس، لكنهم فقهوا وأفهموا بالترجمة ونحوها، وقرأ حمزة والكسائي " يُفقهون " من أفقه، وقرأ الباقون " يَفقهون " من فقه، والضمير في ﴿ قالوا ﴾ : للقوم الذين من دون السدين، و﴿ يأجوج ومأجوج ﴾ : قبيلتان من بني آدم لكنهم ينقسمون أنواعاً كثيرة، اختلف الناس في عددها، فاختصرت ذكره لعدم الصحة، وفي خلقهم تشويه : منهم المفرط الطول، ومنهم مفرط القصر، على قدر الشبر، وأقل، وأكثر، ومنهم صنف : عظام الآذان، الأذن الواحدة وبرة والأخرى زعرى يصيف بالواحدة ويشتو في الأخرى وهي تعمه، واختلفت القراءة فقرأ عاصم وحده " يأجوج ومأجوج " بالهمز وقرأ الباقون :" ياجوج وماجوج " بغير همزة فأما من همز، فاختلف : فقالت فرقة : هو أعجمي علتاه في منع الصرف : العجمة والتأنيث، وقالت فرقة : هو معرب من أجج وأج، علتاه في منع الصرف التعريف والتأنيث، وأما من لم يهمز فإما أن يراهما اسمين أعجميين، وإما أن يسهل من الهمز، وقرأ رؤبة بن العجاج :" آجوج ومأجوج " بهمزة بدل الياء، واختلف الناس في " إفسادهم " الذي وصفوهم به، فقال سعيد بن عبد العزيز :" إفسادهم " : أكل بني آدم، وقالت فرقة " إفسادهم " إنما عندهم توقعاً، أي سيفسدون، فطلبوا وجه التحرز منهم، وقالت فرقة :" إفسادهم " هو الظلم والغشم والقتل وسائر وجوه


الصفحة التالية