قلت : وإذا كان هذا، فقد نعت النبي ﷺ الترك كما نعت يأجوج ومأجوج، فقال عليه الصلاة والسلام :" لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون التّرك قوماً وجوههم كالمجانِّ المُطْرَقَة يلبَسون الشّعر ويمشون في الشّعر " في رواية " ينتعلون الشّعر " خرجه مسلم وأبو داود وغيرهما.
ولما علم النبي ﷺ عددهم وكثرتهم وحِدَّة شوكتهم قال عليه الصلاة والسلام :" اتركوا الترك ما تركوكم " وقد خرج منهم في هذا الوقت أمم لا يحصيهم إلا الله تعالى، ولا يردهم عن المسلمين إلا الله تعالى، حتى كأنهم يأجوج ومأجوج أو مقدمتهم.
وروى أبو داود عن أبي بكرة أن رسول الله ﷺ قال :" ينزل ناس من أمتي بغائط يسمونه البصرة عند نهر يقال له دجلة يكون عليه جسر يكثر أهلها وتكون من أمصار المهاجرين قال ابن يحيى قال أبو معمر - وتكون من أمصار المسلمين - فإذا كان في آخر الزمان جاء بنو قنطوراء عراض الوجوه صغار الأعين حتى ينزلوا على شاطىء النهر فيتفرق أهلها ثلاث فرق فرقة يأخذون أذناب البقر والبرية وهلكوا وفرقة يأخذون لأنفسهم وكفروا وفرقة يجعلون ذراريهم خلف ظهورهم ويقاتلونهم وهم الشهداء " الغائط المطمئن من الأرض.
والبصرة الحجارة الرخوة وبها سميت البصرة.
وبنو قنطوراء هم الترك.
يقال : إن قنطوراء اسم جارية كانت لإبراهيم صلوات الله وسلامه عليه، ولدت له أولاداً جاء من نسلهم الترك.
قوله تعالى :﴿ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً على أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً ﴾ فيه مسألتان :
الأولى : قوله تعالى :﴿ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً ﴾ استفهام على جهة حسن الأدب.
"خَرْجاً" أي جعلا.
وقرىء "خراجا" والخرج أخص من الخراج.
يقال : أَدِّ خَرْج رأسك وخَرَاج مدينتك.
وقال الأزهري : الخراج يقع على الضريبة، ويقع على مال الفيء، ويقع على الجزية، وعلى الغلة.


الصفحة التالية
Icon