وفي القِطْر أربعة أقوال.
أحدها : أنه النحاس، قاله ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والفراء، والزجاج.
والثاني : أنه الحديد الذائب، قاله أبو عبيدة.
والثالث : الصُّفْر المُذاب، قاله مقاتل.
والرابع : الرصاص، حكاه ابن الأنباري.
قال المفسرون : أذاب القِطْر ثم صبَّه عليه، فاختلط والتصق بعضه ببعض حتى صار جبلاً صلداً من حديد وقِطْر.
قال قتادة : فهو كالبرد المحبر، طريقة سوداء وطريقة حمراء.
قوله تعالى :﴿ فما اسطاعوا ﴾ أصله : فما "استطاعوا" فلما كانت التاء والطاء من مخرج واحد أحبُّوا التخفيف فحذفوا.
قال ابن الأنباري : إِنما تقول العرب : اسطاع، تخفيفاً، كما قالوا : سوف يقوم، وسيقوم، فأسقطوا الفاء.
قوله تعالى :﴿ أن يَظْهَروه ﴾ أي : يعلوه ؛ يقال : ظهر فلان فوق البيت : إِذا علاه، والمعنى : ما قدروا أن يعلوه لارتفاعه وامِّلاسه ﴿ وما استطاعوا له نقباً ﴾ من أسفله، لشدته وصلابته.
وروى أبو هريرة عن رسول الله ﷺ قال :" إِن يأجوج ومأجوج ليَحفرون السدَّ كل يوم، حتى إِذا كادوا يرون شعاع الشمس، قال الذي عليهم : ارجعوا، فستحفرونه غداً، فيعودون إِليه، فيرونه كأشد ما كان، حتى إِذا بلغت مدتهم، وأراد الله عز وجل أن يبعثهم على الناس، حفروا، حتى إِذا كادوا يرون شعاع الشمس، قال الذي عليهم : ارجعوا، فستحفرونه غداً إِن شاء الله، ويستثني، فيعودون إِليه وهو كهيئته حين تركوه، فيحفرونه ويخرجون على الناس " وذكر باقي الحديث ؛ وقد ذكرت هذا الحديث بطوله وأشباهه في كتاب "الحدائق" فكرهت التطويل هاهنا.
قوله تعالى :﴿ قال هذا رحمة من ربِّي ﴾ لمّا فرغ ذو القرنين من بنيانه قال هذا.
وفيما أشار إِليه قولان.
أحدهما : أنه الرَّدم، قاله مقاتل ؛ قال : فالمعنى : هذا نِعْمة من ربِّي على المسلمين لئلا يخرجوا إِليهم.
والثاني : أنه التمكين الذي أدرك به عمل السد، قاله الزجاج.


الصفحة التالية
Icon