﴿ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً ﴾ هذا الاستفهام من باب حسن الأدب مع ذي القرنين.
وقرىء ( خراجاً ).
قال الأزهري : الخراج يقع على الضريبة ويقع على مال الفيء، ويقع على الجزية وعلى الغلة.
والخراج أيضاً اسم لما يخرج من الفرائض في الأموال، والخرج : المصدر.
وقال قطرب : الخرج : الجزية والخراج في الأرض، وقيل : الخرج : ما يخرجه كل أحد من ماله، والخراج : ما يجبيه السلطان ؛ وقيل : هما بمعنى واحد ﴿ على أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّا ﴾ أي : ردماً حاجزاً بيننا وبينهم.
وقرىء ﴿ سداً ﴾ بفتح السين.
قال الخليل وسيبويه : الضم هو الاسم، والفتح المصدر.
وقال الكسائي : الفتح والضم لغتان بمعنى واحد، وقد سبق قريباً ما حكيناه عن أبي عمرو بن العلاء، وأبي عبيدة، وابن الأنباري من الفرق بينهما.
وقال ابن أبي إسحاق : ما رأته عيناك فهو سدّ بالضم، وما لا ترى فهو سدّ بالفتح، وقد قدّمنا بيان من قرأ بالفتح وبالضم في السدّين.
﴿ قَالَ مَا مَكَّنّى فِيهِ رَبّى ﴾ أي قال لهم ذو القرنين : ما بسطه الله لي من القدرة والملك ﴿ خَيْرٌ ﴾ من خرجكم، ثم طلب منهم المعاونة له فقال :﴿ فَأَعِينُونِى بِقُوَّةٍ ﴾ أي : برجال منكم يعملون بأيديهم، أو أعينوني بآلات البناء، أو بمجموعهما.
قال الزجاج : بعمل تعملونه معي.
قرأ ابن كثير وحده.
( ما مكنني ) بنونين، وقرأ الباقون بنون واحدة.
﴿ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا ﴾ هذا جواب الأمر، والردم : ما جعل بعضه على بعض حتى يتصل.
قال الهروي : يقال : ردمت الثلمة أردمها بالكسر ردماً : أي سددتها، والردم أيضاً الاسم، وهو السدّ، وقيل : الردم أبلغ من السدّ، إذ السدّ كل ما يسدّ به، والردم : وضع الشيء على الشيء من حجارة أو تراب أو نحوهما حتى يقوم من ذلك حجاب منيع، ومنه ردم ثوبه : إذا رقعه برقاع متكاثفة بعضها فوق بعض، ومنه قول عنترة :
هل غادر الشعراء من متردّم...