ومنها : أن على الملك، إذا اشتَكى إليه جور مجاورين، أن يبذل وسعه في الراحة والأمن، دفاعاً عن الوطن العزيز، وصيانة للحرية والتمدن، من مخالب التوحش والخراب، قياماً بفريضة دفع المعتدين وإمضاء العدل بين العالمين. كما لبّى الإسكندر دعوة الشاكين في بناء السد. وقد أطبق المؤرخون على أنه بنى عدة حصون وأسوار، لرد غارات البرابرة، وصد هجماتهم.
ومنها : أن على الملك التعفف عن أموال رعيته، والزهد في أخذ أجرة، في مقابلة عمل يأتيه، ما أغناه الله عنه، ففي ذلك حفظ كرامته وزيادة الشغف بمحبته. كما تأبّى الإسكندر تفضلاً وتكرماً.
ومنها : التحدث بنعمة الله تعالى إذا اقتضاه المقام. كقوله الإسكندر في مقام تعففه عن أموالهم، والشفقة عليهم :﴿ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ ﴾ [ الكهف : ٩٥ ] كقول سليمان :﴿ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ ﴾ [ النمل : ٣٦ ]، [ في المطبوع آتان ] وقد قيل : أن دخل الإسكندر من البلاد التي فتحها كان نحو ستين مليون ليرة إنكليزية.
ومنها : تدعيم الأسوار والحصون في الثغور، وتقويتها بذوب الرصاص وبوضع صفائح النحاس، خلال الصخور الصم، صدقاً قي العمل ونصحاً فيه. لينتفع به على تطاول الأجيال. فإن البناء غير الرصين لا ثمرة فيه.
ومنها : مشاطرة الملك العمال في الأعمال ومشارفتهم بنفسه إذا اقتضى الحال، تنشيطاً لمهمتهم وتجرئة لهم وترويحاً لقلوبهم. وقد كان الإسكندر يقاسم العمال الأتعاب. ويدير العمل بنفسه، كما بينه الذكر الحكيم في قوله :﴿ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً ﴾.
ومنها : تعريف الغير ثمرة العمل المهم، ليعرفوا قدره فيظهروا شكره. ولذا قال :﴿ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي ﴾.
ومنها الإعلام بالدور الأخروي، وانقضاء هذا الدور الأوليّ، لتبقى النفوس طامحة إلى ذلك العالم الباقي والنعيم السرمدي. ولذا قال :﴿ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي ﴾.