ليكون قائداً لهم إلى الإقرار بالبعث ﴿وأما من ءامن وعمل صالحاً﴾ تصديقاً لما أخبر به من تصديقه ﴿فله﴾ في الدارين ﴿جزاء﴾ طريقته ﴿الحسنى﴾ منا ومن الله بأحسن منها ﴿وسنقول﴾ بوعد لا خلف فيه بعد اختباره بالأعمال الصالحة ﴿له﴾ أي لأجله ﴿من أمرنا﴾ الذي نأمر به فيه ﴿يسراً﴾ أي قولاً غير شاق من الصلاة والزكاة والخراج والجهاد وغيرها، وهو ما يطيقه ولا يشق عليه مشقة كبيرة ﴿ثم أتبع﴾ لإرادته بلوغ مشرق الشمس ﴿سبباً﴾ من جهة الجنوب يوصله إلى المشرق واستمر فيه لا يمل ولا تغلبه أمة مر عليها.
﴿حتى إذا بلغ﴾ في مسيره ذلك ﴿مطلع الشمس﴾ أي الموضع الذي تطلع عليه أولاً من المعمور من الأرض ﴿وجدها تطلع على قوم﴾ على ساحل البحر لهم قوة شديدة ﴿لم نجعل لهم﴾ ولما كان المراد التعميم، أثبت الجار فقال :﴿من دونها﴾ أي من أدنى الأماكن إليهم أول ما تطلع ﴿ستراً﴾ يحول بينهم وبين المحل الذي يرى طلوعها منه من البحر من جبل ولا أبنية ولا شجر ولا غيرها.
ولما كان أمره مستغرباً في نفسه وفي الاطلاع عليه لا سيما عند القرب، قال تعالى :﴿كذلك﴾ أي أمره كما ذكرنا لكم على سبيل الاقتصار ﴿وقد أحطنا﴾ بما لنا من العظمة، ﴿بما لديه﴾ أي كله من الأمور التي هي أغرب المستغرب ﴿خبراً﴾ أي من جهة بواطن أموره فضلاً عن ظواهرها، فلا يستغرب إخبارنا عن ذلك ولا عن أمر أصحاب الكهف، ولا يظن أن تفصيل أمر الروح خفي عنا، لأنا مطلعون على خفايا الأمور وظواهرها، شواهدها وغوائبها، وكيف لا ونحن أوجدناها ولكنا لا نذكر من ذلك إلا ما نريد على ما تدعو إليه الحكمة، فلو شئنا لبسطنا هذه القصة وقصة أهل الكهف وفصلنا أمر الروح تفصيلاً يعجز عن حفظه الألباء ﴿ثم أتبع﴾ في إرادته ناحية السد مخرج يأجوج ومأجوج ﴿سبباً﴾ من جهة الشمال، واستمر أخذاً فيه ﴿حتى إذا بلغ﴾. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٤ صـ ٥٠١ ـ ٥٠٣﴾


الصفحة التالية
Icon