وفي قولو :﴿ إلى رَبّهِ ﴾ دون إليك دلالة على أن الخطاب السابق لم يكن بطريق الوحي إليه وإن مقاولته كانت مع النبي أو مع خواصه.
﴿ وَأَمَّا مَنْ ءامَنَ ﴾ بموجب دعوتي ﴿ وَعَمِلَ ﴾ عملاً ﴿ صالحا ﴾ حسبما يقتضيه الايمان ﴿ فَلَهُ ﴾ في الدارين ﴿ جَزَاء الحسنى ﴾ أي فله المثوبة الحسنى أو الفعلة الحسنى أو الجنة جزاء على أن جزاء مصدر مؤكد لمضمون الجملة قدم على المبتدا اعتناء به أو منصوب بمضمر أي يجزى بها جزاء، والجملة حالية أو معترضة بين المبتدا والخبر المتقدم عليه أو هو حال أي مجزياً بها.
وتعقب ذلك أبو الحسن بأنه لا تكاد العرب تتكلم بالحال مقدماً إلا في الشعر، وقال الفراء : هو نصب على التمييز.
وقرأ ابن عباس.
ومسروق ﴿ جَزَاء ﴾ منصوباً غير منون، وخرج ذلك المهدوي على حذف التنوين لالتقاء الساكنين، وخرجه غيره على أنه حذف للإضافة والمبتدأ محذوف لدلالة المعنى عليه أي فله الجزاء جزاء الحسنى.
وقرأ عبد الله بن أبي إسحاق بالرفع والتنوين على أنه للمبتدا و﴿ الحسنى ﴾ بدله الخبر الجار والمجرور.
وقرأ غير واحد من السبعة بالرفع بلا تنوين، وخرج على أنه مبتدأ مضاف قال أبو علي : والمراد على الإضافة جزاء الخلال الحسنة التي أتاها وعملها أو المراد بالحسنى الجنة والإضافة كما في دار الآخرة.
﴿ وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا ﴾ أي مما نأمر به ﴿ يُسْراً بِهِ ﴾ ﴿ يُسْراً ﴾ أي سهلاً ميسراً غير شاق، وتقديره ذا يسر وأطلق عليه المصر مبالغة، وقرأ أبو جعفر ﴿ يُسْراً ﴾ بضمتين حيث وقع هذا، وقال الطبري : المراد من اتخاذ الحسن الأسر فيكون قد خير بين القتل والأسر، والمعنى إما أن تعذب بالقتل وإما أن تحسن إليهم بإبقاء الروح والأسر، وما حكى من الجواب على هذا الوجه قيل من الأسلوب الحكيم لأن الظاهر أنه تعالى خيره في قتلهم وأسرهم وهم كفار فقال أما الكافر فيراعى فيه قوة الإسلام وأما المؤمن فلا يتعرض له إلا بما يجب.