وقرأ عبيد بن عمير "فلا يقوم" ويلزمه أن يقرأ "وزن" وكذلك قرأ مجاهد "فَلاَ يَقُومُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنٌ".
قال عبيد بن عمير : يؤتى يوم القيامة بالرجل العظيم الطويل الأكول الشروب فلا يزن عند الله جناح بعوضة.
قلت : هذا لا يقال مثله من جهة الرأي، وقد ثبت معناه مرفوعاً في صحيحي البخاري ومسلم عن أبي هريرة عن رسول الله ﷺ أنه قال :" إنه ليأتي الرجلُ العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة اقرءوا إن شئتم ﴿ فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ القيامة وَزْناً ﴾ " والمعنى أنهم لا ثواب لهم، وأعمالهم مقابلة بالعذاب، فلا حسنة لهم توزن في موازين القيامة ومن لا حسنة له فهو في النار.
وقال أبو سعيد الخدري : يؤتى بأعمال كجبال تهامة فلا تزن شيئاً.
وقيل : يحتمل أن يريد المجاز والاستعارة ؛ كأنه قال : فلا قدر لهم عندنا يومئذٍ ؛ والله أعلم.
وفي هذا الحديث من الفقه ذمُّ السِّمن لمن تكلّفه، لما في ذلك من تكلف المطاعم والاشتغال بها عن المكارم، بل يدل على تحريم الأكل الزائد على قدر الكفاية المبتغى به التَّرفه والسِّمن.
وقد قال ﷺ :" إن أبغض الرجال إلى الله تعالى الحبر السَّمين " ومن حديث عِمران بن حُصَين عن النبي ﷺ قال :" خيركم قرني ثم الذين يلونهم قال عِمران فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثة ثم إن من بعدكم قوماً يَشهدون ولا يُستشهدون ويخونون ولا يُؤتمنون ويَنذرون ولا يوفون ويظهر فيهم السِّمن " وهذا ذمٌّ.


الصفحة التالية
Icon