وسبب ذلك أن السِّمن المكتسب إنما هو من كثرة الأكل والشَّرَه، والدعة والراحة والأمن والاسترسال مع النفس على شهواتها، فهو عبد نفسه لا عبد ربه، ومن كان هذا حاله وقع لا محالة في الحرام، وكل لحم تولد عن سحت فالنار أولى به ؛ وقد ذمّ الله تعالى الكفار بكثرة الأكل فقال :﴿ والذين كَفَرُواْ يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأنعام والنار مَثْوًى لَّهُمْ ﴾ [ محمد : ١٢ ] فإذا كان المؤمن يتشبه بهم، ويتنعم بتنعمهم في كل أحواله وأزمانه، فأين حقيقة الإيمان، والقيام بوظائف الإسلام؟ا ومن كثر أكله وشربه كثر نهمه وحرصه، وزاد بالليل كسله ونومه، فكان نهارَه هائماً، وليله نائماً.
وقد مضى في "الأعراف" هذا المعنى ؛ وتقدّم فيها ذكر الميزان، وأن له كفتين توزن فيهما صحائف الأعمال فلا معنى للإعادة.
" وقال عليه الصلاة والسلام حين ضحكوا من حَمْش ساق ابن مسعود وهو يصعد النخلة :"تضحكون من ساق توزن بعمل أهل الأرض" " فدل هذا على أن الأشخاص توزن ؛ ذكره الغزنوي.
قوله تعالى :﴿ ذَلِكَ جَزَآؤُهُمْ ﴾ "ذلك" إشارة إلى ترك الوزن، وهو في موضع رفع بالابتداء "جزاؤهم" خبره و ﴿ جَهَنَّمُ ﴾ بدل من المبتدأ الذي هو "ذلك" و"ما" في قوله :﴿ بِمَا كَفَرُواْ ﴾ مصدرية، والهزء الاستخفاف والسخرية ؛ وقد تقدّم. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ١١ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon