وقال القرطبى :
قوله تعالى ﴿ وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ ﴾
الضمير في "تركنا" لله تعالى ؛ أي تركنا الجن والإنس يوم القيامة يموج بعضهم في بعض.
وقيل : تركنا يأجوج ومأجوج "يومئذٍ" أي وقت كمال السدّ يموج بعضهم في بعض.
واستعارة الموج لهم عبارة عن الحيرة وتردّد بعضهم في بعض، كالمولهين من هَمٍّ وخوف ؛ فشبههم بموج البحر الذي يضطرب بعضه في بعض.
وقيل : تركنا يأجوج ومأجوج يوم انفتاح السدّ يموجون في الدنيا مختلطين لكثرتهم.
قلت : فهذه ثلاثة أقوال، أظهرها أوسطها، وأبعدها آخرها، وحسن الأول ؛ لأنه تقدّم ذكر القيامة في تأويل قوله تعالى :﴿ فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ رَبِّي ﴾ [ الكهف : ٩٨ ].
والله أعلم.
قوله تعالى :﴿ وَنُفِخَ فِي الصور ﴾ تقدّم في "الأنعام".
﴿ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعاً ﴾ يعني الجن والإنس في عرصات القيامة.
﴿ وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ ﴾ أي أبرزناها لهم.
﴿ يَوْمَئِذٍ لِّلْكَافِرِينَ عَرْضاً ﴾.
﴿ الذين كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ ﴾ في موضع خفض نعت "للكافرين".
﴿ فِي غِطَآءٍ عَن ذِكْرِي ﴾ أي هم بمنزلة من عينه مغطاة فلا ينظر إلى دلائل الله تعالى.
﴿ وَكَانُواْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً ﴾ أي لا يطيقون أن يسمعوا كلام الله تعالى، فهم بمنزلة من صمَّ.
قوله تعالى :﴿ أَفَحَسِبَ الذين كفروا ﴾ أي ظن.
وقرأ عليّ وعكرمة ومجاهد وابن محيصن "أَفَحَسْبُ" بإسكان السين وضم الباء ؛ أي كَفَاهم.
﴿ أَن يَتَّخِذُواْ عِبَادِي ﴾ يعني عيسى والملائكة وعزيراً.
﴿ مِن دوني أَوْلِيَآءَ ﴾ ولا أعاقبهم ؛ ففي الكلام حذف.
وقال الزجاج : المعنى ؛ أفحسبوا أن ينفعهم ذلك.
﴿ إِنَّآ أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلاً ﴾. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ١١ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon