ولما كانوا ينكرون أنهم على ذلك، لملازمتهم لكثير من محاسن الأعمال، البعيدة عن الضلال، بين لهم السبب في بطلان سعيهم بقوله :﴿أولئك﴾ أي البعداء البغضاء ﴿الذين كفروا﴾ أي أوقعوا الستر والتغطية لما من حقه أن يظهر ويشهر، مستهينين ﴿بأيات ربهم﴾ من كلامه وأفعاله، وبين سبب هذا الكفر بقوله :﴿ولقائه﴾ أي فصاروا لا يخافون فلا يردهم شيء عن أهوائهم ﴿فحبطت﴾ أي سقطت وبطلت وفسدت بسبب جحدهم للدلائل ﴿أعمالهم﴾ لعدم بنائها على أساس الإيمان ﴿فلا﴾ أي فتسبب عن سقوطها أنا لا ﴿نقيم لهم﴾ ما لنا من الكبرياء والعظمة المانعين من اعتراض أحد علينا أو شفاعته بغير إذننا لدينا ﴿يوم القيامة وزناً﴾ أي لا نعتبرهم لكونهم جهلوا أمرنا الذي لا شيء أظهر منه، وآمنوا مكرنا ولا شيء أخطر منه.
ولما كان هذا السياق في الدلالة على أن لهم جهنم أوضح من الشمس قال :﴿ذلك﴾ أي الأمر العظيم الذي بيناه من وعيدهم ﴿جزاؤهم﴾ لكن لما كان حاكماً بضلالهم وغباوتهم، بين الجزاء بقوله :﴿جهنم﴾ وصرح بالسببية بقوله :﴿بما كفروا﴾ أي وقعوا التغطية للدلائل ﴿واتخذوا ءاياتي﴾ التي هي مع إنارتها أجد الجد وأبعد شيء عن الهزل ﴿ورسلي﴾ المؤيدين بباهر أفعالي مع ما لهم من الشهامة والفضل ﴿هزواً﴾ فلم يكتفوا بالكفر الذي هو طعن في الإلهية حتى ضموا إليه الهزء الذي هو أعظم احتقار. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٤ صـ ٥٠٩ ـ ٥١٠﴾