والظاهر أن " ما " بمعنى " الذي " وأن " مصدقاً " حال من عائد الموصول، وأن اللاّم في " لما " مقوية لتعدية " مصدقاً " لـ " ما " الموصولة بالظَّرْفِ.
وقوله :" بِمَا أَنْزَلت " فيه قولان :
أحدهما : أنه القرآن ؛ لأنه وصفه بكونه منزلاً، وبكونه مصدقاً لما معهم.
والثاني : قال قَتَادَةُ : بما أنزلت من كتاب ورسول تجدونه مكتوباً في التَّوراة، والإنجيل.
ومن جعل " ما " مصدرية قدّرها بـ " إنزالي لما معكم " يعني : التوراة.
قوله :" وَلاَ تكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ ".
" أول " خبر كان، وفيه أربعة أقوال :
أحدهما وهو مذهب سيبويه : أنه " أفعل "، وأن فاءه وعينه واو، وتأنيثه " أُوْلَى "، وأصلها :" وُوْلَى "، فأبدلت الواو همزة وجوباً، وليست مثل " وُورِي " في عدم قلبها لسكون الواو بعدها، لأن واو " أُوْلَى " تحركت في الجمع في قولهم " أوْل "، فحمل المفرد على الجمع في ذلك، ولم يتصرف من " أول " فعل لاستثقاله.
وقيل : هو من " وأل " إذا نجا، ففاؤه واو، وعينه همزة، وأصله :" أوأل " فخففت بأن قلبت الهمزة واواً، وأدغمت الواو الأولى فيها فصار :" أول "، وهذا ليس بقياس تخفيفه، بل قياسه أن تلقى حركة الهمزة على " الواو " الساكنة، وتحذف الهمزة، ولكنهم شبهوه بـ " خَطِية وبَرِية " وهو ضعيف، والجمع :" أوَائِل " و" أَوَالي " أيضاً على القلب.
وقيل : هو من " آلَ يَئُولُ " إذا رجع، وأصله :" أَأْوَل " بهمزتين، الأولى زائدة والثانية فاؤه، ثم قلبت فأخرت الفاء بعد العين فصار :" أَوْأَل " بوزن " أَعْفَل "، ثم فعل به ما فعل في الوجه الذي قبله من القلب والإدْغَام، وهو أضعف منه.