وقيل : هو " وَوّل " بوزن " فَوْعَل "، فأبدلت الواو الأولى همزة، وهذا القول أضعفها ؛ لأنه كان ينبغي أن ينصرف، والجمع " أوائل " والأصل :" وواول " فقلبت الاولى همزة لما تقدم، والثالثة أيضاً لوقوعها بعد ألف الجمع، وإنما لم يجمع لعى " أواول " لاستثقالهم اجتماع واوين بينهما ألف الجمع.
واعلم أن " أوّل " " أفعل " تفضيل، و" أفعل " التفضيل إذا أضيف إلى نكرة كان مفرداً مذكراً مطلقاً، ثم النكرة المضاف إليها " أفعل "، إما أن تكون جامدةً أو مشتقةً، فإن كانت جامدة طابقت ما قبلها نحو : الزّيدان أفضلُ رجلين، الزيدون أفضلُ رجال، الهندات أفضلُ نسوة.
وأجاز المبرد إفرادها مطلقاً.
وإن كانت مشتقة، فالجمهور أيضاً على وجوب المطابقة، نحو :" الزيدون أفضلُ ذاهبين وأكرمُ قادمين "، وأجاز بعضهم المُطَابقة وعدمها ؛ أنشد الفراء :[ الكامل ]
وَإِذَا هُمُ طَعِمُوا فَأَلأَمُ طَاعِمٍ...
وَإِذَا هُمْ جَاعُوا فَشَرٌّ جِيَاع
فأفرد في الأول، وطابق في الثاني، ومنه عندهم :﴿وَلاَ تكونوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ﴾ [ البقرة : ٤١ ].
إذا تقرر هذا، فكان ينبغي على قوله الجمهور أن يجمع " كافر "، فأجابوا عن ذلك بأوجه :
أجودها : أن " أفْعَل " في الآية، وفي البيت مُضَاف لاسم مفرد مفهم للجمع حذف، وبقيت صفته قائمةً مقامه، فجاءت النكرة المضاف إليها " أفعل " مفردة اعتباراً بذلك الموصوف المحذوف، والتقدير : ولا تكونوا أوّل فريق أو فَوْجٍ كافر، وكذا " فألأم فرق طاعم "، وقيل : لأنه في تأويل :" أول من كفر به ".
وقيل : لأنه في معنى : لا يكن كل واحد منكم أول كافر، كقولك : كَسَانَا حُلّة أي : كل واحد منَّا، ولا مفهوم لهذه الصفة هنا فلا يراد : ولا تكونوا أول كافر، بل آخر كافر ؛ لأن ذكر الشّيء ليس فيه دلالة على أن ما عداه بخلافه.
والهاء في " بـ " تعود على " ما أنزلت ".