وقيل : على الرسول عليه الصلاة والسلام ؛ لأن التنزيل يستدعي منزلاً إليه.
وقيل : على النعمة ذهاباً بها إلى معنى الإحسان.
قوله :﴿وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً﴾.
" بآياتي " متعلّق بالاشتراء وضمن الاشتراء معنى الاستبدال، فلذلك دخلت الباء على الآيات، وكان القياس دخولها على ما هو ثَمَن ؛ لأن الثمن في البيع حقيقته أن يشتري به، لا أن يشترى، لكن لما دخل الكلام معنى الاستبدال جاز ذلك ؛ لأن معنى الاستبدال أن يكون المنصوب فيه حاصلاً والمجرور بالباء زائلاً.
وقد ظنّ بعضهم أن قولك :" بدلت الدِّرْهَمَ بالدينار " وكذا :" أبدلت " أيضاً أن الدينار هو الحاصل، والدرهم هو الزَّائل، وهو وهم ؛ ومن مجيء " اشترى " بمعنى " استبدل " قوله :[ الجز ]
كَمَا اشْتَرَى المُسْلِمُ إذْ تَنَصَّرَا...
وقول الآخر :[ الطويل ]
فَإِنْ تَزْعُمِيني كُنْتُ أَجْهَلُ فيكُمُ...
فَإِنِّي شَرَيْتُ الحِلْمَ بَعْدَكِ بِالجَهْلِ
وقال المهدوي : دخول " الباء " على " الآيات " كدخولها على " الثَّمن "، وكذلك كل ما لا عَيْنَ فيه، وإذا كان في الكلام دَرَاهم أو دنانير دخلت الباء على الثمن، قاله الفرّاء، يعني أنه إذا لم يكن في الكلام دِرْهَمٌ ولا دينار صحّ أن يكون كلّ من العوضين ثمناً، ومثمناً، لكن يختلف ذلك بالنسبة إلى المُتَعَاقدين، فمن نسب الشراء إلى نفسه أدخل الباء على ما خرج منه، وزال عنه، ونصب ما حصل له، فتقول " اشتريت هذا الثَّوْبَ بهذا العبد ".
وأما إذا كان ثَمّ دراهم أو دنانير كان ثمناً ليس إلا، نحو " اشتريت الثوب بالدرهم "، ولا تقول :" اشتريت الدِّرْهَمَ بالثوب ".
وقدر بعضهم مضافاً فقال : بتعليم آياتي ؛ لأن الآيات نفسها لا يُشْتَرَى بها، ولا حَاجَةَ إلى ذلكح لأن معناه الاستبدال كما تقدم.
و" ثمناً " مفعول به، و" قليلاً " صفته.
و" إيَّايَ فَاتَّقُونِ " كقوله :﴿وَإِيَّايَ فارهبون﴾ [ البقرة : ٤٠ ].
وقال هنا :" فَاتَّقُونِ " وهناك :" فَارْهَبُونِ " لأن ترك المأمور به هناك معصية، وهي ترك ذكر النعمة والإيفاء بالعَهءد، وهنا ترك الإيمان بالمنزل والاشتراء به ثمناً قليلاً كفر، فناسب ذكر الرهب هناك ؛ لأنه أخف يجوز العفو عنه لكونه معصية، وذكر التقوى هنا ؛ لأنه كفر لايجوز العفو عنه ؛ لأن التقوى اتخاذ الوقاية لما هو كائن لا بُدْ منه. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٢ صـ ١٣ ـ ١٨﴾. باختصار.