فائدة جليلة وفريدة
" فخر الإِسلام " ـ الذي كان من كبار قساوسة المسيحيين، وتتلمذ عند علمائهم حتى حاز مراتب كبيرة في الدراسات الكنسية ـ يتحدث في مقدمة كتابه " أنيس الأعلام" عن انتقاله من المسيحية إلى الإِسلام فيقول :
"... بعد بحث طويل وعناء كبير وتجوال في المدن، عثرت على قسيس كبير متميز في زهده وتقواه، كان يرجع إليه الكاثوليك بما فيهم سلاطينهم، تعلمت عليه زمناً مذاهب النصارى، وكان له طلاب كثيرون، ولكنه كان ينظر إليّ من بينهم نظرة خاصة، وكانت كل مفاتيح البيت بيدي، إلا مفتاحاً واحداً لغرفة صغيرة، احتفظ به عنده.... وفي يوم اعتلّت صحة القسيس، فقال لي : قل للطلاب إني لا أستطيع التدريس اليوم. حينما جئت الطلاب وجدتهم منهمكين في نقاش حول معنى " فارقليطا" في السريانية، و" پريكلتوس" في اليونانية... واستمر بينهم النقاش، وكل كان يدلي برأيه.... بعد أن عدت إلى الأستاذ سألني عما كان يدور بين الطلاب، فأخبرته، فقال لي : وما رأيك ؟ قلت : اخترت الرأي الفلاني.
قال القسيس : ما قصّرت في عملك، ولكن الحقّ غير ذلك ؛ لأن حقيقة هذا الأمر لا يعلمها إلا الراسخون في العلم، وقليل ما هم. أكثرت في الإلحاح عليه أن يوضح لي معنى الكلمة. فبكى بكاءً مرّاً وقال : لم أخف عليك شيئاً... إن لفهم معنى هذه الكلمة أثراً كبيراً، ولكنه إن انتشر فسنتعرض للقتل! فإن عاهدتني أن لا تفشيه فسأخبرك... فأقسمت بكل المقدسات أن لا أذكر ذلك لأحد، فقال : إنه اسم من أسماء نبي المسلمين، ويعني " أحمد" و" محمّد".
ثم أعطاني مفتاح الغرفة وقال : افتح الصندوق الفلاني، وهاتِ الكتابين اللذين فيه، جئت إليه بالكتابين وكانا مكتوبين باليونانية والسريانية على جلد، ويعودان إلى عصر ما قبل الإِسلام.