وقال :﴿فَضْلاً مِّنَ الله وَنِعْمَةً والله﴾ [ الحجرات : ٨ ] يعني الإسلام.
وقال :﴿رَبِّ أوزعني أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ التي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وعلى وَالِدَيَّ﴾ [ النمل : ١٩ ].
وقوله :﴿يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ الله وَفَضْلٍ﴾ [ آل عمران : ١٧١ ] أي : الإسلام.
قوله :﴿التي أَنْعَمْتُ﴾.
" التي " صفة " النعمة " والعائد محذوف.
فإن قيل : من شرط [ حذف ] عائد الموصول إذا كان مجروراً أن يجرّ الموصول بمثل ذلك الحرف، وأن يتّحد متعلقهما، وهنا قد فقد الشَّرطان، فإن الأصل : التي أنعمت بها.
فالجواب : إنما حذف بعد أن صار منصوباً بحذف حرف الجرّ اتساعاً فبقي " أنعمتها " وهو نظير :﴿كالذي خاضوا﴾ [ التوبة : ٦٩ ] في أحد الأوجه، وسيأتي إن شاء الله تعالى.
و" عليكم " متعلّق به، وأتى بـ " على " دلالة على شمول النعمة لهم.
قوله :﴿وَأَوْفُواْ بعهدي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ﴾.
هذه جملة أمرية عطف على الأمكرية قبلها.
ويقال :" أَوْفَى "، و" وَفَى " مشدداً ومخففاً ثلاث لغاتٍ بمعنى ؛ قال الشاعر :[ البسط ]
أَمَّا ابْنُ [ طُوْقٍ ] فَقَدْ أَوْفَى بِذِمَّتِهِ...
كَمَا وَفَى بِقِلاَصِ النَّجْمِ حَادِيها
فجمع بين اللغتين.
وقيل : يقال : أوفيت ووفيت بالعهد، وأوفيت الكَيْلَ لا غير، وعن بعضهم : أن اللغات الثلاث واردة في القرآن.
أما " أوفى " فكهذه الآية.
وأما " وَفَّى " بالتشديد فكقوله :﴿وَإِبْرَاهِيمَ الذي وفى﴾ [ النجم : ٣٧ ].
وأما " وَفَى " بالتخفيف، فلم يصرح به، وإنما أخذ من قوله تعالى :﴿أوفى بِعَهْدِهِ مِنَ الله﴾ [ التوبة : ١١١ ] وذلك أن " أَفْعَل " التفضيل لا يبنى إلاّ من الثلاثي كالتعجُّب هذا هو المشهور، وإن كان في المسألة كلام كثير ويحكى أن المستنبط لذلك أبو القاسم الشَّاطبي.
ويجيء " أَوْفَى " بمعنى : ارتفع ؛ قال :[ المديد ]
رُبَّمَا أَوْفَيْتُ في عَلَمٍ...