تَرْفَعَنْ ثَوْبِي شَمَالاتُ
و" بعهدي " متعلّق بـ " أوفوا "، و" العَهْد " مصدر، ويحتمل إضافته للفاعل أو المفعول.
والمعنى : بما عاهدتكم عليه من قَبُولِ الطَّاعة، ونحوه :﴿أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بني آدَمَ﴾ [ يس : ٦٠ ] أو بما عاهدتموني عليه، ونحوه :﴿وَمَنْ أوفى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهِ الله﴾ [ الفتح : ١٠ ]، ﴿صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ الله عَلَيْهِ﴾ [ الأحزاب : ٢٣ ].
و" أُوفِ " مجزوم على جواب الأمر، وهل الجازم الجملة الطَّلبية نفسها لما تضمّنته من معنى الشرط، أو حرف شرط مقدر تقديره : إن توفوا بعهدي أوف ؟ قولان.
وهكذا كل ما جزم في جواب طلب يجري فيه هذا الخلاف.
وقرأ الزّهري :" أَوَفِّ " بفتح الواو وتشديد الفاء للتَّكثير.
و" بِعَهْدِكُمْ " متعلّق به [ وهذا ] محتمل للإضافة إلى الفاعل، أو المفعول على ما تقدّم.
قوله :﴿وَإِيَّايَ فارهبون﴾.
" إياي " ضمير منصوب منفصل، وقد عرف ما فيه في " الفاتحة، ونصبه بفعل محذوف يفسره الظاهر بعده، والتقديرط " وإيايَ ارْهَبُوا فارْهَبُون " وإنما قدرته متأخراً فيهح لأن تقديره متقدماً عليه لايحسن لانفصاله، وإن كان بعضهم قدره كذلك.
والفاء في " فارهبون " فيها قولان للنحويين :
أحدهما : أنها جواب أمر مقدر تقديره : تنبّهُوا فارهبونن وهو نظير قولهم :" زيداً فاضرب " أي : تنبيه فاضرب زيداً، ثم حذف " تنبه "، فصار : فاضرب زيداً، ثم قدم المفعول إصلاحاً للفظ ؛ لئلا تفع الفاء صدراً، وإنما دخلت الفاء لتربط هاتين الجملتين.
والقول الثاني في هذه " الفاء " : أنها زائدة.
وقال " أبو حيان " بعد أن حكى القول الأول : فتحمل الآية وجهين :
أحدهما : أن يكون التقدير :" وإيّاي ارهبوا تنبهوا فارهبون "، فتكون " الفاء " حصلت في جواب الأمر، وليست مؤخّرة من تقديم.


الصفحة التالية
Icon