فصارت رتبة كفرهم قبل رتبة كفر العرب الجاهلين به أو الحاسدين له ﷺ بخصوصه لا لعموم العرب، فكان أهل الكتاب أول كافر به لا يمكن أن يقع كفرهم إلا على هذا الوجه الذي هو أقبح الوجوه، فالمعنى لا تكفروا به، فإنه إن وقع منكم كفر به كان أول كفر، لأن رتبته أول رتب الكفر الواقع ممن سواكم فكنتم أول كافر فوقعتم في أقبح وجوه الكفر، ولذا أفرد ولم يقل : كافرين - والله أعلم.
ولما نهاهم عن الكفر بالآيات نهاهم عن الحامل عليه لقوله :﴿ولا تشتروا﴾ أي تتكلفوا وتلحوا في أن تستبدلوا ﴿بآياتي﴾ أي التي تعلمونها في الأمر باتباع هذا النبي الكريم ﴿ثمناً قليلاً﴾ وهو رياسة قومكم وما تأخذونه من الملوك وغيرهم على حمل الشريعة، والقلة ما قصر عن الكفاية - قاله الحرالي.
﴿وإياي﴾ أي خاصة ﴿فاتقون﴾ أي اجعلوا لكم وقاية من إنزال غضبي، فالتقوى نتيجة الرهبة كما أن هذه الأفعال نتيجة ما في آية الرهبة. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ١ صـ ١١٥ ـ ١١٦﴾
فائدة
قال الفخر :
اعلم أن المخاطبين بقوله :﴿وَءامِنُواْ﴾ هم بنو اسرائيل ويدل عليه وجهان.
الأول : أنه معطوف على قوله :﴿اذكروا نِعْمَتِيَ التى أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ﴾ كأنه قيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي وآمنوا بما أنزلت.
الثاني : أن قوله تعالى :﴿مُصَدّقاً لّمَا مَعَكُمْ﴾ يدل على ذلك. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٣ صـ ٣٨﴾

فصل


قال الفخر :
أما قوله :﴿بِمَا أَنزَلْتُ﴾ ففيه قولان،
الأقوى أنه القرآن وعليه دليلان.
أحدهما : أنه وصفه بكونه منزلاً وذلك هو القرآن لأنه تعالى قال :﴿نَزَّلَ عَلَيْكَ الكتاب بالحق مُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التوراة والإنجيل﴾ [ آل عمران : ٣ ].
والثاني : وصفه بكونه مصدقاً لما معهم من الكتب وذلك هو القرآن.
وقال قتادة : المراد ﴿آمنوا بما أنزلت﴾ من كتاب ورسول تجدونه مكتوباً في التوراة والإنجيل.


الصفحة التالية
Icon