قال الطحاوي : الخرس مخالف للصمت العارض، كما أن العجز عن الجماع العارض لمرض ونحوه يوماً أو نحوه مخالف للعجز المأيوس منه الجماع، نحو الجنون في باب خيار المرأة في الفرقة.
قوله تعالى :﴿ يايحيى خُذِ الكتاب بِقُوَّةٍ ﴾ في الكلام حذف ؛ المعنى فولد له ولد وقال الله تعالى للمولود :﴿ يايحيى خُذِ الكتاب بِقُوَّةٍ ﴾.
وهذا اختصار يدل الكلام عليه.
و"الكتاب" التوراة بلا خلاف.
"بقوّة" أي بجد واجتهاد ؛ قاله مجاهد.
وقيل : العلم به، والحفظ له والعمل به، وهو الالتزام لأوامره، والكفّ عن نواهيه ؛ قاله زيد بن أسلم ؛ وقد تقدّم في "البقرة".
قوله تعالى :﴿ وَآتَيْنَاهُ الحكم صَبِيّاً ﴾ قيل : الأحكام والمعرفة بها.
وروى مَعْمَر أن الصبيان قالوا ليحيى : اذهب بنا نلعب ؛ فقال : ما للعب خلقت.
فأنزل الله تعالى "وآتيناه الحكم صبِيا".
وقال قتادة : كان ابن سنتين أو ثلاث سنين.
وقال مقاتل : كان ابن ثلاث سنين.
و"صبيا" نصب على الحال.
وقال ابن عباس : من قرأ القرآن قبل أن يحتلم فهو ممن أوتي الحكم صبيا.
وروي في تفسير هذه الآية من طريق عبد الله بن عمرو عن النبي ﷺ قال :" كل بني آدم يأتي يوم القيامة وله ذَنْب إلا ما كان من يحيى بن زكريا " وقال قتادة : إن يحيى عليه السلام لم يعص الله تعالى قط بصغيرة ولا كبيرة ولا هَمَّ بامرأة.
وقال مجاهد : وكان طعام يحيى عليه السلام العشب، وكان للدمع في خدّيه مجار ثابتة.
وقد مضى الكلام في معنى قوله :﴿ وَسَيِّداً وَحَصُوراً ﴾ [ آل عمران : ٣٩ ] في "آل عمران".
قوله تعالى :﴿ وَحَنَاناً مِّن لَّدُنَّا ﴾ "حنانا" عطف على "الحكم".
وروي عن ابن عباس أنه قال : والله ما أدري ما "الحنان"؟.
وقال جمهور المفسرين : الحنان الشفقة والرحمة والمحبة ؛ وهو فعل من أفعال النفس.
النحاس : وفي معنى الحنان عن ابن عباس قولان : أحدهما : قال : تعطّف الله عز وجل عليه بالرحمة.