وأجيب بأنه يحتمل أنه جهر به بعد ذلك إظهاراً لنعمة الله تعالى عليه وطلباً لما ذكر فتذكر، وقيل : هو استبعاد راجع إلى المتكلم حيث كان بين الدعاء والبشارة ستون سنة، وكان قد نسي عليه السلام دعاءه وهو بعيد جداً.
وقال في "الانتصاف" : الظاهر والله تعالى أعلم أن زكريا عليه السلام طلب ولداً على الجملة وليس في الآية ما يدل أنه يوجد منه وهو هرم ولا إنه من زوجته وهي عاقر ولا أنه يعاد عليهما قوتهما وشبابهما كما فعل بغيرهما أو يكون الولد من غير زوجته العاقر فاستبعد الولد منهما وهما بحالهما فاستخبر أيكون وهما كذلك فقيل له ﴿ كذلك ﴾ [ مريم : ٩ ] أي يكون الولد وأنتما كذلك.
وتعقب بأن قوله :﴿ فَهَبْ لِى مِن لَّدُنْكَ ﴾ ظاهر في أنه طلب الولد وهما على حالة يستحيل عادة منهما الولد.
والظاهر عندي كونه استبعاداً من حيث العادة أو هو بالنسبة إلى المبطلين وهو كما في "الكشف" أولى.
وقرأ أكثر السبعة ﴿ عِتِيّاً ﴾ بضم العين.
وقرأ ابن مسعود بفتحها وكذا بفتح صاد ﴿ صِلِيّاً ﴾ [ مريم : ٧٠ ] وأصل ذلك كما قال ابن جني رداً على قول ابن مجاهد لا أعرف لهما في العربية أصلاً ما جاء من المصادر على فعيل نحو الحويل والزويل.
وعن ابن مسعود أيضاً.
ومجاهد أنهما قرآ ﴿ عسيا ﴾ بضم العين وبالسين مكسورة.
وحكى ذلك الداني عن ابن عباس.
والزمخشري عن أبي، ومجاهد وهو من عسا العود يعسو إذا يبس.
﴿ قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ ﴾
قرأ الحسن ﴿ وَهُوَ على هَيّنٌ ﴾ بالواو، وعنه أنه كسر ياء المتكلم كما في قول النابغة :
علي لعمرو نعمة بعد نعمة...
لوالده ليست بذات عقارب