والثاني - إطلاق السمي يعني المسامي أي المماثل في السمو والرفعة والشرف، وهو فعيل بمعنى مفاعل من السمو بمعنى العلو والرفعة، ويكثر في اللغة إتيان الفعيل بمعنى المفاعل. كالقعيج والجليس بمعنى المقاعد والمجالس. والأكيل والشريب بمعنى المؤاكل والمشارب، وكذلك السمي بمعنى المسامي أي المماثل في السمو. فإذا علمت ذلك - فاعلم أن قوله هنا ﴿ لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيّاً ﴾ أي لم نجعل من قبله أحداً يتسمى باسمه. فهو أول من كان اسمه يحيى. وقول من قال : إن معناه لم نجعل له سمياً أي نظيراً في السمو والرفعة غير صواب لأنه ليس بأفضل من إبراهيم وموسى ونوح، فالقول الأول هو الصواب. وممن قال به ابن عباس وقتادة والسدي وابن أسلم وغيرهم. ويروى القول الثاني عن مجاهد وابن عباس أيضاً. وإذا علمت أن الصواب أن معنى قوله ﴿ لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيّاً ﴾ أي لم نسم أحداً باسمه قبله - فاعلم أن قوله :﴿ رَّبُّ السماوات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا فاعبده واصطبر لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً ﴾ [ مريم : ٦٥ ] معناهك أنه تعالى ليس له نظير ولا مماثل يساميه في العلو والعظمة والكمال على التحقيق. وقال بعض العلماء : وهو مروي عن ابن عباس ﴿ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً ﴾ هل تعلم أحداً يسمى باسمه الرحمن جل وعلا. والعلم عند الله تعالى.