وقال ابن عاشور :
﴿ يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (٧) ﴾
مقول قول محذوف دلّ عليه السياق عقب الدعاء إيجازاً، أي قلنا يا زكرياء إلخ...
والتبشير : الوعد بالعطاء.
وفي الحديث :"أنّه قال للأنصَار فأبشروا وأمّلوا"، وفي حديث وفد بني تميم :"اقبَلوا البشرى، فقالوا بشرتَنا فأعطنا".
ومعنى ﴿ اسْمُهُ يَحْيَى ﴾ سَمّهِ يحيى، فالكلام خبر مستعمل في الأمر.
والسميّ فسروه بالموافق في الاسم، أي لم نجعل له من يوافقه في هذا الاسم من قبل وجوده.
فعليه يكون هذا الإخبار سراً من الله أودعه زكرياء فلا يظن أنه قد يُسمّي أحد ابنَه يحيى فيما بين هذه البشارة وبين ازدياد الولد.
وهذه منّة من الله وإكرام لزكرياء إذ جعل اسم ابنه مبتكراً، وللأسماء المبتكرة مزيّة قوّة تعريف المسمى لقلّة الاشتراك، إذ لا يكون مثله كثيراً مدّة وجوده، وله مزية اقتداء الناس به من بعد حين يسمون أبناءهم ذلك الاسم تيمّناً واستجادة.
وعندي : أن السّمِيّ هنا هو الموافق في الاسم الوصفي بإطلاق الاسم على الوصف، فإن الاسم أصله في الاشتقاق ( وسَم )، والسمة : أصلها وسمة، كما في قوله تعالى :﴿ ليسمُّون الملائكَة تسمية الأنثى ﴾ [ النجم : ٢٧ ]، أي يصفونهم أنهم إناث، ومنه قوله الآتي :﴿ هل تعلم له سمياً ﴾ [ مريم : ٦٥ ] أي لا مثيل لله تعالى في أسمائه.
وهذا أظهر في الثناء على يحيى والامتنان على أبيه.