وعن طلحة بن سليمان "جِنِيًّا" بكسر الجيم للإتباع ؛ أي جعلنا لك في السريّ والرطب فائدتين : إحداهما الأكل والشرب، والثانية سلوة الصدر ؛ لكونهما معجزتين ؛ وهو ( معنى ) قوله تعالى :﴿ فَكُلِي واشربي وَقَرِّي عَيْناً ﴾ أي فكلي من الجنيّ، واشربي من السريّ، وقرّي عيناً برؤية الولد النبيّ.
وقرىء بفتح القاف وهي قراءة الجمهور.
وحكى الطبريّ قراءة "وَقِرِّي" بكسر القاف وهي لغة نجد.
يقال : قَرَّ عيناً يَقُر ويَقِر بضم القاف وكسرها ؛ وأقر الله عينه فقرّت.
وهو مأخوذ من القُرّ والقِرّة وهما البَرْد.
ودمعة السرور باردة، ودمعة الحزن حارة.
وضعّفت فرقة هذا وقالت : الدمع كله حار، فمعنى أقر الله عينه أي سكن الله عينه بالنظر إلى من يحبه حتى تقرّ وتسكن ؛ وفلان قُرة عيني ؛ أي نفسي تسكن بقربه.
وقال الشيباني :"وقرّي عيناً" معناه نامي ؛ حضها على الأكل والشرب والنوم.
قال أبو عمرو : أقرّ الله عينه أي أنام عينه، وأذهب سهره.
و"عيناً" نصب على التمييز ؛ كقولك : طب نفساً.
والفعل في الحقيقة إنما هو للعين فنقل ذلك إلى ذي العين ؛ وينصب الذي كان فاعلاً في الحقيقة على التفسير.
ومثله طبت نفساً، وتفقأت شحماً، وتصببت عرقاً، ومثله كثير.
قوله تعالى :﴿ فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ البشر أَحَداً فقولي إِنِّي نَذَرْتُ للرحمن صَوْماً ﴾ فيه ثلاث مسائل :