والحديث الرابع عشر - قال فيه ﷺ :« فهو يوسعها ولا تتسع » ويشير باصبعه إلى حلقه، فجعل إشارته إلى أن درع الحديد المضروب بها المثل للبخيل ثابتة على حلقة لا تنزل عنه ولا تستر عورته ولا بدنه كالنطق بذلك.
فهذه أربعة عشر حديثاً أوردها البخاري رحمه الله في الباب المذكور، وسقناها هنا، وبينا وجه الدلالة على أن الإشارة كالنطق في كل واحد منها، مع ما قدمنا من الأحدايث الدالة على ذلك زيادة على ما ذكره البخاري هنا.
وقد ذكر البخاري رحمه الله في أول باب ( اللعان ) خمسة أحاديث أيضاً كل واحد منها فيه الدلالة على أن الإشارة كالنطق ولم نذكرها هنا لأن فيما ذكرنا كفاية.
وقال ابن حجر في ( الفتح ) في آخر كالمه على احاديق الباب المذكورة. قال ابن بطالك ذهب الجمهور إلى أن الإشارة المفهمة تنزل منزلة النطق. وخالفه الحنفية في بعض ذلك. ولعل البخاري ردَّ عليهم بهذه الأحاديث التي جعل فيها النبي ﷺ الإشارة قائمة مقام النطق. وإذا جازت الإشارة في احكام مختلفة في الديانة فهي لمن لا يمكنه النطق أجوز.
وقال ابن المنير : أراد البخاري أن الإشارة بالطلاق وغيه من الأخرس وغيره التي يفهم منها الأصل والعدد نافذة كاللفظ اهأ - ويظهر لي أن البخاري اورد هذه الترجمة واحاديثها توطئة لما يذكره من البحث في الباب الذي يليه، مع من فرق بين لعان الأخرس، وطلاقه، والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon