والجَنِيُّ : ما كابَ وصَلُحَ للاجْتِناء. وهو فَعيل بمعنى مفعول وقيل : بمعنى فاعِل : أي : طَرِيَّاً، والجَنَى والجَنِيُّ أيضاً : المُجَتَنَى من العَسَلِ، وأَجْنَى الشجرُ : أَدْرَك ثَمَرُه، وأَجْنَتِ الأرضُ كَثُرَ جَناها. واسْتُعير من ذلك " جَنَى فلانٌ جنايةً " كما استعير " اجْتَرَم جريمةً ".
قوله :﴿ وَقَرِّي عَيْناً ﴾ :
" عَيْناً " نصبٌ على التمييز منقولٌ من الفاعل، إذ الأصلُ : لِتَقَرَّ عينُك. والعامَّة على فتحِ القاف مِنْ " قَرِّيْ " أمراً مِنْ قَرَّتْ عَيْنُه تَقَرُّ، بكسر العين في الماضي، وفتحِها في المضارع.
وقُرِئ بكسرِ القاف، وهي لغةُ نجدٍ يقولون : قَرَّتْ عينُه تَقِرُّ بفتح العين في الماضي وكسرِها في المضارع، والمشهورُ أن مكسورَ العين في الماضي للعين، والمفتوحَها في المكان. يقال : قَرَرْتُ بالمكانِ أَقِرُّ به، وقد يُقال : قَرِرْتُ بالمكانِ بالكسر. وسيأتي ذلك في قولِه تعالى :﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ﴾ [ الأحزاب : ٣٣ ].
وفي وَصْفِ العين بذلك تأويلان، أحدُهما : أنَّه مأخوذٌ مِنَ " القُرّ " وهو البَرْدُ : وذلك أنَّ العينَ إذا فَرِح صاحبُها كان دَمْعُها قارَّاً أي بارداً، وإذا حَزِن كان حَرَّاً ولذلك قالوا في الدعاء عليه :" أَسْخَنَ اللهُ عينَه "، وفي الدعاء له :" أقرَّ اللهُ عينَه. وما أَحْلى قولَ أبي تمام :

٣٢٣٠- فأمَّا عيونُ العاشِقينَ فَأُسْخِنَتْ وأمَّا عيونُ الشامتينَ فَقَرَّتِ
والثاني : أنه مأخوذٌ من الاستقرار، والمعنى : أعطاه الله ما يُسَكِّنُ عينَه فلا تطمحُ إلى غيره.


الصفحة التالية
Icon