قوله :﴿ فَإِمَّا تَرَيِنَّ ﴾ دخلت " إنْ " الشرطية على " ما " الزائدة للتوكيد، فَأُدْغِمت فيها، وكُتِبَتْ متصلةً. و " تَرَيْنَ " تقدَّم تصريفُه. والعامَّةُ على صريح الياء المكسورة وقرأ أبو عمروٍ في رواية " تَرَئِنَّ " بهمزة مكسورةٍ بدلَ الياء، وكذلك رُوي عنه " لَتَرَؤُنَّ " بإبدالِ الواوِ همزةُ. قال الزمخشري :" هذا مِنْ لغةِ مَنْ يقول : لَبَأْتُ بالحَجِّ وحَلأْتُ السَّوِيْقَ " - يعني بالهمز - وذلك لتآخٍ بين الهمز وحروف اللين ". وتجرَّأ ابن خالَوَيْة على أبي عمرو فقال :" هو لحنٌ عند أكثر النحويين ".
وقرأ أبو جعفر قارئُ المدينةِ وشيبة وطلحة " تَرَيْنَ " بياءٍ ساكنة ونونٍ خفيفة. قال ابن جني :" وهي شاذَّةٌ ". قلت : لأنه كان ينبغي أَنْ يُؤَثِّر الجازمُ، وتُحذفَ نونُ الرفع. كقول الأَفْوه :
٣٢٣١- إمَّا تَرَيْ رَأْسِيَ أَزْرَى به | ماسُ زمانٍ ذيٍ انتكاثٍ مَؤُؤْسِ |
٣٢٣٢- لولا فَوارسُ مِنْ نُعْمٍ وأُسْرَتِهِمْ | يومَ الصُّلَيْفاءِ لم يُوفُوْنَ بالجارِ |
و" من البشر " حالٌ من " أحداً " لأنه لو تأخَّر لكان وصفاً. وقال أبو البقاء :" أو مفعول " يعني أنه متلِّعق بنفسِ الفعل قبله.
قوله : فَقُولِيْ " بين هذا الجوابِ وشرطِه جملةٌ محذوفةٌ، تقديرُه : فإمَّا تَرَيْنَّ من البشر أحداً فسألكِ الكلامَ فَقُولي. وبهذا المقدَّر نَخْلُصُ من إشكالٍ : وهو أنَّ قولَها ﴿ فَلَنْ أُكَلِّمَ اليوم إِنسِيّاً ﴾ / كلامٌ، فيكون ذلك تناقضاً ؛ لأنها قد كَلَّمَتْ إنْسِيَّاً بهذا الكلامِ. وجوابُه ما تَقَدَّم : وقيل : المرادُ بقوله " فقُولي " إلى آخره، أنه بالإِشارة. وليس بشيء. بل المعنى : فلن أكلِّمَ اليومَ إنْسِيَّاً بعد هذا الكلامِ.
وقرأ زيد بن علي " صِياماً " بدل " صوم "، وهما مصدران. أ هـ ﴿الدر المصون حـ ٧ صـ ٥٧٩ ـ ٥٩٢﴾