وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ فأتت به قومها تحمله ﴾
قال ابن عباس في رواية أبي صالح : أتتهم به بعد أربعين يوماً حين طهرت من نفاسها.
وقال في رواية الضحاك : انطلق قومها يطلبونها، فلما رأتْهم حملت عيسى فتلقَّتْهم به، فذلك قوله تعالى :﴿ فأتتْ به قومها تحمله ﴾.
فإن قيل :"أتت به" يغني عن "تحمله" فلا فائدة للتكرير.
فالجواب : أنه لما ظهرت منه آيات، جاز أن يتوهَّم السامع "فأتت به" أن يكون ساعياً على قدميه، فيكون سعية آيةً كنطقه، فقطع ذلك التوهُّمَ، وأعلم أنه كسائر الأطفال، وهذا مِثْل قول العرب : نظرت إِلى فلان بعيني، فنفَوْا بذلك نظر العطف ؛ والرحمة، وأثبتوا [ أنه ] نظرُ عَيْنٍ.
وقال ابن السائب : لما دخلت على قومها بَكَوْا، وكانوا قوماً صالحين ؛ و ﴿ قالوا يا مريم لقد جئت شيئاً فريّاً ﴾ وفيه ثلاثة أقوال.
أحدها : شيئاً عظيماً، قاله ابن عباس، ومجاهد، وقتادة.
قال الفراء : الفريُّ : العظيم، والعرب تقول : تركته يفري الفريَّ، إِذا عمل فأجاد العمل فَفَضَلَ الناس، قيل هذا فيه، قال النبي ﷺ :" فما رأيت عبقرياً يفري فَرْيَ عمر ".
والثاني : عَجباً فائقاً، قاله أبو عبيدة.
والثالث : شيئاً مصنوعاً، ومنه يقال : فريت الكذب، وافتريته، قاله اليزيدي.
قوله تعالى :﴿ يا أخت هارون ﴾ في المراد بهارون هذا خمسة أقوال.
أحدها : أنه أخ لها من أُمِّها، وكان من أمثل فتى في بني إِسرائيل، قاله أبو صالح عن ابن عباس.
وقال الضحاك : كان من أبيها وأُمِّها.
والثاني : أنها كانت من بني هارون، قاله الضحاك عن ابن عباس.
وقال السدي : كانت من بني هارون أخي موسى عليهما السلام، فنُسبت إِليه، لأنها من ولده.