قوله تعالى :﴿ فَأَرْسَلْنَآ إِلَيْهَآ رُوحَنَا ﴾ قيل : هو روح عيسى عليه السلام ؛ لأن الله تعالى خلق الأرواح قبل الأجساد، فركب الروح في جسد عيسى عليه السلام الذي خلقه في بطنها.
وقيل : هو جبريل وأضيف الروح إلى الله تعالى تخصيصاً وكرامة.
والظاهر أنه جبريل عليه السلام ؛ لقوله :﴿ فَتَمَثَّلَ لَهَا ﴾ أي تمثل الملك لها.
﴿ بَشَراً ﴾ تفسير أو حال.
﴿ سَوِيّاً ﴾ أي مستوي الخلقة ؛ لأنها لم تكن لتطيق أو تنظر جبريل في صورته.
ولما رأت رجلاً حسن الصورة في صورة البشر قد خرق عليها الحجاب ظنت أنه يريدها بسوء ف ﴿ قَالَتْ إني أَعُوذُ بالرحمن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً ﴾ أي ممن يتقي الله.
البِكَاليّ : فنكص جبريل عليه السلام فزعاً من ذكر الرحمن تبارك وتعالى.
الثعلبيّ : كان رجلاً صالحاً فتعوذت به تعجباً.
وقيل : تقي فعيل بمعنى مفعول أي كنت ممن يُتَّقى منه.
وفي البخاري قال أبو وائل : علمت مريم أن التقيّ ذو نُهْيةٍ حين قالت :"إن كنت تقيا".
وقيل : تقي اسم فاجر معروف في ذلك الوقت ؛ قاله وهب بن منبه ؛ حكاه مكي وغيره.
ابن عطية : وهو ضعيف ذاهب مع التخرص.
فقال لها جبريل عليه السلام :﴿ قَالَ إِنَّمَآ أَنَاْ رَسُولُ رَبِّكِ لاًّهَبَ لَكِ غُلاَماً زَكِيّاً ﴾ جعل الهبة من قبله لما كان الإعلام بها من قبله.
وقرأ ورش عن نافع "لِيهَبَ لَكِ" على معنى أرسلني الله ليهب لك.
وقيل : معنى "لأهب" بالهمز محمول على المعنى ؛ أي قال : أرسلته لأهب لك.
ويحتمل "ليهب" بلا همز أن يكون بمعنى المهموز ثم خففت الهمزة.
فلما سمعت مريم ذلك من قوله استفهمت عن طريقه ف ﴿ قَالَتْ أنى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ ﴾ أي بنكاح.
﴿ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً ﴾ أي زانية.
وذكرت هذا تأكيداً ؛ لأن قولها لم يمسسني بشر يشمل الحلال والحرام.


الصفحة التالية
Icon