وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر من طريق جويبر، عن الضحاك رضي الله عنه، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ واذكر في الكتاب مريم ﴾ يقول : قص ذكرها على اليهود والنصارى ومشركي العرب ﴿ إذ انتبذت ﴾ يعني خرجت ﴿ من أهلها مكاناً شرقياً ﴾ قال : كانت خرجت من بيت المقدس مما يلي المشرق ﴿ فاتخذت من دونهم حجاباً ﴾ وذلك أن الله لما أراد أن يبتدئها بالكرامة، ويبشرها بعيسى، وكانت قد اغتسلت من المحيض فتشرفت، وجعلت بينها وبين قومها ﴿ حجاباً ﴾ يعني جبلاً فكان الجبل بين مجلسها وبين بيت المقدس ﴿ فأرسلنا إليها روحنا ﴾ يعني جبريل ﴿ فتمثل لها بشراً ﴾ في صورة الآدميين ﴿ سوياً ﴾ يعني معتدلاً شاباً أبيض الوجه جعداً قططاً حين اخضر شاربه، فلما نظرت إليه قائماً بين يديها ﴿ قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً ﴾ وذلك أنها شبهته بشاب كان يراها ويمشي معها يقال له يوسف من بني إسرائيل، وكان من خدم بيت المقدس، فخافت أن يكون الشيطان قد استزله، فمن ثم قالت :﴿ إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً ﴾ يعني إن كنت تخاف الله. قال جبريل : وتبسم ﴿ إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاماً زكياً ﴾ يعني لله مطيعاً من غير بشر. ﴿ قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ﴾ يعني زوجاً ﴿ ولم أك بغياً ﴾ أي مومسة.