٣٢٣٠- فقلتُ وفي الأحشاءِ داءٌ مُخامِرٌ ألا حَبَّذا يا عَزُّ ذاك التَّشايُرُ
قوله :﴿ مَن كَانَ فِي المهد صَبِيّاً ﴾ في " كان " هذه أقوالٌ. أحدُها : أنها زائدةٌ وهو قولُ أبي عبيد، أي : كيف نُكَلِّمُ مَنْ في المهد. و " صَبِيَّا " على هذا نصبٌ على الحالِ من الضمير المستتر في الجارِّ والمجرورِ الواقع صلةً. وقد رَدَّ أبو بكرٍ هذا القولَ - أعني كونَها زائدةً - بأنها لو كانَتْ زائدةً لَما نَصَبَتِ الخبرَ، وهذه قد نصَبتْ " صَبيَّا ". وهذا الردُّ مردودٌ بما ذكرتُه مِنْ نصبِه على الحال لا الخبرِ.
الثاني : أنها تامةٌ بمعنى حَدَث ووُجد. والتقدير : كيف نكلِّم مَنْ وُجْد صبيَّا، و " صَبِيَّاً " حال من الضمير في " كان ".
الثالث : أنها بمعنى صار، أي : كيف نُكَلِّم مَنْ صار في المهد صَبِيَّا، و " صَبِيَّا " على هذا خبرُها، فهو كقوله :
٣٢٣٧-.......................... قَطا الحَزْن قد كانَتْ فِراخاً بُيُوضُها
الرابع : أنها الناقصةُ على بابها مِنْ دلالتِها على اقتران مضمونِ الجملة بالزمان الماضي مِنْ غيرِ تَعَرُّضٍ للانقطاع كقوله تعالى :﴿ وَكَانَ الله غَفُوراً رَّحِيماً ﴾ [ النساء : ٩٦ ]، ولذلك يُعَبِّر عنها بأنها ترادِف " لم تَزَلْ ". قال الزمخشري :" كان " لإِيقاع مضمون الجملة في زمانٍ ماضٍ مبهمٍ صالحٍ للقريبِ والبعيد. وهو هنا لقريبِه خاصةً، والدالُّ عليه معنى الكلام، وأنه مسوقٌ للتعجب. ووجه آخر : وهو أَنْ يكونَ " نُكَلِّمُ " حكاية حالٍ ماضيةٍ، أي : كيف عُهِد قبل عيسى أَنْ يُكَلِّمَ الناسَ صبيَّا في المهد حتى نُكَلِّمَه نحن "؟


الصفحة التالية
Icon