الصفة السادسة : قوله تعالى :﴿وَبَرّاً بِوَالِدَتِى﴾ أي جعلني براً بوالدتي وهذا يدل على قولنا : إن فعل العبد مخلوق لله تعالى لأن الآية تدل على أن كونه براً إنما حصل بجعل الله وخلقه وحمله على الألطاف عدول عن الظاهر ثم قوله :﴿وَبَرّاً بِوَالِدَتِى﴾ إشارة إلى تنزيه أمه عن الزنا إذ لو كانت زانية لما كان الرسول المعصوم مأموراً بتعظيمها.
قال صاحب "الكشاف" : جعل ذاته براً لفرط بره ونصبه بفعل في معنى أوصاني وهو كلفني لأن أوصاني بالصلاة وكلفني بها واحد.
الصفة السابعة ؛ قوله :﴿وَلَمْ يَجْعَلْنِى جَبَّاراً شَقِيّاً﴾ وهذا أيضاً يدل على قولنا لأنه لما بين أنه جعله براً وما جعله جباراً فهذا إنما يحسن لو أن الله تعالى جعل غيره جباراً وغيره بار بأمه، فإن الله تعالى لو فعل ذلك بكل أحد لم يكن لعيسى عليه السلام مزيد تخصيص بذلك، ومعلوم أنه عليه السلام إنما ذكر ذلك في معرض التخصيص وقوله :﴿وَلَمْ يَجْعَلْنِى جَبَّاراً﴾ أي ما جعلني متكبراً بل أنا خاضع لأني متواضع لها ولو كنت جباراً لكنت عاصياً شقياً.
وروي أن عيسى عليه السلام قال : قلبي لين وأنا صغير في نفسي وعن بعض العلماء لا تجد العاق إلا جباراً شقياً وتلا :﴿وَبَرّاً بِوَالِدَتِى وَلَمْ يَجْعَلْنِى جَبَّاراً شَقِيّاً﴾ ولا تجد سيىء الملكة إلا مختالاً فخوراً وقرأ :﴿وَمَا مَلَكَتْ أيمانكم إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً ﴾.
الصفة الثامنة : هي قوله :﴿والسلام عَلَىَّ يَوْمَ وُلِدْتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً﴾ وفيه مسائل :
المسألة الأولى :