وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ ذلك عِيسَى ابن مَرْيَمَ ﴾
أي ذلك الذي ذكرناه عيسى ابن مريم فكذلك اعتقدوه، لا كما تقول اليهود إنه لغير رشدة، وأنه ابن يوسف النجار، ولا كما قالت النصارى : إنه الإله أو ابن الإله.
﴿ قَوْلُ الحق ﴾ قال الكسائي :"قَوْلُ الْحَقِّ" نعت لعيسى ؛ أي ذلك عيسى ابن مريم ( قَوْلُ الحَقِّ ).
وسمي قول الحق كما سمي كلمة الله ؛ والحق هو الله عز وجل.
وقال أبو حاتم : المعنى هو قول الحق.
وقيل : التقدير هذا الكلام قول الحق.
قال ابن عباس : يريد هذا كلام عيسى بن مريم ﷺ قول الحق ليس بباطل ؛ وأضيف القول إلى الحق كما قال :﴿ وَعْدَ الصدق الذي كَانُواْ يُوعَدُونَ ﴾ [ الأحقاف : ١٦ ] أي الوعد الصدق.
وقال :﴿ وَلَدَارُ الآخرة خَيْرٌ ﴾ [ يوسف : ١٠٩ ] أي ولا الدار الآخرة.
وقرأ عاصم وعبد الله بن عامر "قَوْلَ الْحَقِّ" بالنصب على الحال ؛ أي أقول قولاً حقاً.
والعامل معنى الإشارة في "ذلك".
الزجاج : هو مصدر أي أقول قول الحق ؛ لأن ما قبله يدل عليه.
وقيل : مدح.
وقيل : إغراء.
وقرأ عبد الله "قَالُ الحقِّ".
وقرأ الحسن "قُولُ الحقِّ" بضم القاف، وكذلك في "الأنعام" "قَوْلُهُ الْحَقُّ".
والقَوْلُ والقَالُ والقُولُ بمعنى واحد، كالرَّهْب والرَّهَب والرُّهْبِ.
﴿ الذي ﴾ من نعت عيسى.
﴿ فِيهِ يَمْتُرُونَ ﴾ أي يشكون ؛ أي ذلك عيسى ابن مريم الذي فيه يمترون القول الحق.
وقيل :"يمترون" يختلفون.
ذكر عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن قتادة في قوله تعالى :﴿ ذلك عِيسَى ابن مَرْيَمَ قَوْلَ الحق الذي فِيهِ يَمْتُرُونَ ﴾ قال : اجتمع بنو إسرائيل فأخرجوا منهم أربعة نفر، أخرج كل قوم عالمهم فامتروا في عيسى حين رفع ؛ فقال أحدهم : هو الله هبط إلى الأرض فأحيا من أحيا وأمات من أمات، ثم صعد إلى السماء وهم اليعقوبية.
فقالت الثلاثة : كذبت.


الصفحة التالية
Icon